بدءً لا غضاضة ولا خلاف في جدوى الأحلاف الاستراتيجية بين الدول لتبادل المنافع والمصالح
بصرف النظر عن التصنيفات والتوجهات التي لن يكون لها أثر في تحقيق الأهداف والبرتوكولات التي يتفق عليها الحلفاء وبعد التوقيع تتحول فقرات وبنود البرتكول إلى قانون ملزم بحدود ما تم التوقيع عليه،، فلا علاقة ولا تأثير لمنهج الحكم المتبع في بلد كل حليف على الآخر إلا إذا ما رغبا في ذلك ،
ولكن ما قصدته حرفيا هو لفت الانتباه -حصراً- إلى ضرورة تقييم جدوى الأحلاف المعلنة في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها البلاد والتي لا تكون فيها معايير التقييم مجردة كما هي في الظروف الطبيعية حيث تتدخل عناصر طارئة تخلقها الحالة فتؤثر كلياً على مبدأ جدوى أو عدم جدوى العلاقات الدولية او تصنيفاتها ولكن نقول بالنظر إلى الحالة الراهنة وبكل بساطة أن هناك الكثير من المحاذير الخطيرة التي تحيط بهذا الخيار في هذه المرحلة الدقيقة والغريبة التي تمر بها بلادنا فنحن نخوض حرباً شاملة وبكامل آلياتها وأدواتها الميدانية والإعلامية ضد كيان مجهول الهوية والمقام والنطاق الجغرافي تضخم كما الورم الخبيث بدعم دولي وإقليمي وكيانات ومنظمات لم تُعلن حتى الساعة صراحةً عن هدفها ومراميها من هذا الدعم الخفي رغم كثافته وضخامة كلفته ولا نعلم نحن له تبريراً قطعياً -إلا اجتهاداً- رغم الأذى الماحق الذي لحق بنا وببلادنا من جرائه !!! وهي بالضرورة تتوق وتسعى لإيجاد مسوِّغ منطقي يبرر خروجها من الحالة الخفية إلى العلن لهذا الدعم الذي ارهقتها ترتيبات اخفائه إجرائياً وعملياً وشل في كثير من الحالات انسياب وسهولة ونجاعة إنجاز عملياتها اللوجستية وجعلها اكثر كلفة في احسن الأحوال كما أفشل الكثير من أنشطتها، فضلاً عن الحرج المخزي الذي تتعرض له في معظم المنابر التي تتناول الحالة السودانية لذا فهي تسعى بكل جد وتتربص الهفوات لخلق مبرر منطقي ومقبول حتى لبعض دنيئي دول العالم الأول الذين يعلمون مصدر الأذي وأسبابه ويغمضون عيناً عن مسالبه ومخازيه الاجتماعية التي ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية مكراً ونفاقاً ويتابعون بالأخرى مجرياته طمعاً ورغبة وهم ينتظرون ما يسرهم من اخبار آخر حلقات الطوق لمشروعهم الذي يجري تنزيله في ساحاتنا على أطلال الخراب وبين دماء وجثث آلاف الضحايا من المقاومين والمُسْتخدَمين وأفواج الهائمين على وجوههم نزوحاً و تشرداً تاركين الديار والمتاع والأهل من هول الصدمة وفظاعة الكارثة التي حلت بهم دون ذنبٍ جنوه غير ان مشروع الكبار {بفلسفته الإنسانية المدَّعاة} يقتضي ذلك !!
لذا كان حرجهم عظيماً وإن غطت على مشاعرهم دثامة المغنم وجبروت القوة فهم قطعاً يعلمون ان للتاريخ ذاكرة - لايمحوها صلف الحاضر وبغيه - وستسير بما حفِظت محافل الركبان وسيقتصَّ بها يوماً !! وإن لم تطولهم يد العدالة فحتماً ستطول خَلَفَهُمْ وصمة عارها ولو بعد حين!!! والحال كذلك ،فلا بد لهم من إيجاد أو إختلاق مبررات منطقية مقبولة للعالم والتاريخ ،!! كما أن ضخامة الكلفة البشرية والمادية التي تعرض لها ضحايا مشروعهم وفظاعة ما ارتكبوه لتنفيذه من جرم إنساني ومادي في حقهم يجعل بحثهم عن مسوغ منطقي مقبول اشد الحاحاً وتربُّصاً !!
لذا نجد أن الجهة أو الجهات التي تقدم الدعم المادي واللوجستي الكامل للغزو البربري الأحمق على بلادنا خفيةً ليس حبَّاً في الغزاة أو إستحساناً لأسلوبهم الهمجي ولكن رغبةً في تغيير المفهوم النمطي للدولة المركزية ذات المبادئ العقدية المقاومة للعولمة بشكلها الذي كان سائداً وهو ما نطلق عليه مشروع الإخضاع الكبير والذي نراه واضحاً بعد تنفيذ مرحلته الاولى في خمس دول حولنا تمثل الطوق الإسلامي العربي التقليدي حول الكيان الصهيوني ونحن بالطبع نمثل احد حلقاته، ومرجعيتي في هذه الفكرة لم تكن نتيجة تحليل أو عصف ذهني اجتهادي بل كانت عبارة عن أمثلة حية نراها ونلمسها فيما حدث في خمس دول سبقتناً ابتلاءً بأن كانت جغرافيتها موبوءة كحالنا بوجودها في نطاق المشروع وهي(لبنان-سوريا-اليمن-العراق-وليبيا) وهذه النماذج ليست حكايا من عمق التارخ بل هي حالات قائمة تنبئ عن أن هناك مشروع ينفذ فينا ونحن لسنا في حِلٍ عن اهدافه على المستويين التكتيكي والإستراتيجي وخير ما يدلل على اننا المستهدف السادس هو غرابة ما يجري في بلادنا وهذا الانفاق المهول والإصرار غير المبرر لهزيمة جيشنا الذي يعتبر أنموذجاً عريقاً وصلِباً للمؤسسات التقليدية التي تعوق التغيير المستهدف وبإضعافه أو النجاح في كسر إرادته والتلاعب في بنيته الهيكلية وعقيدته القتالية المبادئية كما تصرح أبواقهم الداخلية وإذا ما تم لهم ذلك فإن التغيير المستهدف سيكون متاحاً وممكناً ، والبعد التكتيكي لهذا المشروع يقتضي ان يخضع الشعب ودولته للتخدير اللازم لاجراء الجراحة المطلوبة لاستئصال المفاهيم القيمية التقليدية المقاوِمة والتي يعتبرونها عقبة كؤود تعترض تنفيذ مشروعهم الذي يموهونه بمسحة إنسانية وتحت مسميات فضفاضة مبهمة كالعولمة والليبرالية الجديدة {Neoliberalism }والعَلَمَانِية وبتلك المصطلحات والعبارات الشعائرية البراقة التي ما أنزل الله بها من سلطان يحاولون إجتذاب بعض الشباب وذوي المآرب من الساسة الذين يروجون لذلك بين العوام ويبشرون بأن ذلك هو فقط ما ينقصنا للحاق بركب التقدم وبتمرير هذه المفاهيم نكون قد خضعنا للجرعة المبدئة من المخدر أما الجرعة الثانية فستخضع لها الدولة وشعبها معاً وتتمثل في إنهاك الدولة وإرهاق قواتها المسلحة بحرب اجتماعية قذرة بواسطة مجموعات وكيانات هلامية تنشر الفوضوي المسلحة، كالتي نشهدها في بلادنا وبذرائع متناقضة وغير مفهومة يُهذي بها عشاق لقطات السلفي كما يسمعونها من كبارهم ان كان بينهم كبار!! دون ان يدركوا او يعوا ابعاد ما يقولون!،،،،
إنهم قد خططوا بعناية لتكون هذه الفوضى التتارية لتكون بنهايتها نهاية المرحلة الأولى وهي خلق سلطة موازية لا تخضع لسلطة الدولة المركزية لإفشالها وتجريدها من السيادة وإشغالها بالغريم الداخلي وإلهاء شعبها بخيارات التبعية وتشتت الولاء بين السلطتين ،ومن اعراض هذه الحالة المستهدفة عجز الدولة تماماً عن القيام بدورها في ادارة شئونها ووضع السياسات اللزمة لحماية منسوبيها وتقديم الخدمات والرعاية لهم كما تعجز عن وضع الاستراتيجيات لتحديد مسارها على المدى الطويل ورسم خطوط وضوابط علاقاتها الدولية لتحقيق مصالح منسوبيها فكيف يكون لها كل ذلك وقد زرع في خاصرتها سلطة غريمة مدعومة من ارباب مشروع الأفشال فبالضرورة ستتقاطع سياساتها وأهدافها مع السلطة المزروعة اصلاً لغرض الإفشال الممنهج وهو عين الهدف للمرحلة الأولى من مشروع الإحتلال الناعم {Soft occupation}الذي استخدمت لتحقيقة حرب إنهاك القوات المسلحة وإرهاق الدولة وشعبها بما يطلق عليه اصطلاحاً حروب الجيل الرابع لاحتلال الدولة دون أن يتأذى منظري المشروع !! وهي الحرب التي نعيش سجالها وسيناريوهاتها حالياً والتي يخططون لتكون نهايتها الإفشال كما ذكرنا كباقي دول الطوق التي تنتظر تطبيق المرحلة التالية بعد ان جُرِدت من جميع عناصر المقاومة المركزية التقليدية والسلطة الوطنية الموحدة رمز السيادة وقواتها المسلحة رمز القوة وحاميها وبذلك تزال جميع عناصر المنعة التي تعوق إنجاز المشروع الصهيوني الذي يخطط له منذ عقود بمباركة ودعم من الخمس الكبار لتحقيق احلام سندريلا الغرب المزروعة قسراً في خاصرة المستهدفين ،،،
نعم هذا هو مرادهم ولكن بعون الله ظل جيشنا صامداً ارهق طوابي لعبتهم ولاعبيهم بقتال احترافي وعلى مدى اربعة عشر شهراً شهد فيها بمهنيته خبراء الخصوم حتى اصبح قاب قوسين أو أدني من إفشال مخططهم قبل ان يُفشلوا دولته،،،
تعامل خلالها مع غدر الغزاة بامتصاص صدمات الغدر بطول النفس وتحمل عشوائية الدمار وخراقة الأذى الإجتماعي وفجور التعدي على الأنفس والممتلكات ولم يجزع ولم يفتر حتى نال ثقة شعبه
وكان الإلتفاف الملحمي والدعم غير المسبوق من هذا الشعب الذي جُبِل على النضال والتضحية فكان منه هذا الوعي الجمعي بقضيته رغم الأذي
في المال والولد والعرض فاصبح أهلاً لما وصفه به القامة وردي وصدح فيه عزّةً يستحقها ،،
يا شعباً لهبك ثوريتك
تلقى مرادك والفي نيتك
عمق إحساسك بحريتك
يبقى ملامح في ذريتك
نعم فهذه الملحمة التي اختلطت فيها دماء الشهداء {عسكرين ومستنفرين ومدنين عُزل}
يجب ان يفرد لها التاريخ موضعاً في نواصع صفحاته إذا ما لم تلوث الأقلام كما تلوثت زمم هذا الزمان واختلت معايير الصلاح فيه ،،،
هذا هو المشهد وجيشنا الباسل بزحف بتؤدةٍ وثبات نحو صرع اخطر مراحل المشروع وطوابي الخصم تترنح تائهة والمنظرين وأربابهم يبحثون عن هفوة لقلب موازين النصر فلا تسجلوا هدفاً في مرماكم بمنحهم فرصة لتغيير هيئة وشكل المعادلة بالدخول العلني للأحلاف وما يتبع ذلك من تبرير ادخال حصان طروادة إلى قلب المدينة فتتغير حالة الحراك الاقليمى وستتغير بالضرورة حينها خطط وتكتيكات اللعب ويكون التدخل والسند المباشر المعلن مبرراً وربما تتغير به النتائج فلاتغامروا باللجوء إلى تسريع الترجيح عن طريق الأحلاف العسكرية وهم بالضرورة ينتظرون ذلك !! ،،فقط حافظوا على ما أنجزتموه وانتم عُصَامى مرفوعي الرأس والهمة رغم طول الآلام ونزيف الجروح الغائرة في جسد الدولة وشعبها فأصرموا واصبروا وصابروا فلم يبق الكثير لنخرج بكيان دولتنا وسيادتها وهي تمسك بناصية قرارها من الحالة الحرجة إلى حالة التعافي وتضميد الجراح وحينها سيكون جرد الحساب !!! ويكون ذاك الزمان زمانها
عادل هواري
نهار الخميس العشرون من شهر يونيو ٢٠٢٤م
الموافق الرابع عشر من ذوالحجة ١٤٤٥هـ
وفاشر السلطان آخر مقترحات السلطة الموازية صامداً بأبنائه وقواته والنمل الأبيض شتات هائم يستجدي المدد تلاحقه لعنة الفجور وحسبنا الله ونعم الوكيل وابتهالات الطيبين ،،،،،،
مشاركة الخبر علي :