قدمت الولايات المتحدة الأمريكية دعوة للقوات المسلحة السودانية ومليشيا الدعم السريع لمفاوضات تعقد في جنيف العاصمة السياسية لسويسرا وحددت أجندة المفاوضات في وقف إطلاق النار وتسهيل العمل الإنساني الدعوة الأمريكية جاءت بطريقة بعيدة عن الدبلوماسية وتشبه تماما الغطرسة الأمريكية في تعاملها مع العالم حيث يجوز لنا أن نسميها استدعاء خاصة إذا أضفنا إلى ذلك تحديد المكان والزمان والمراقبين بعدون مشاورة أصحاب الشأن الحكومة السودانية والمليشيا
هذه الدعوة أربكت المشهد السياسي وأدخلت المتابعين للشأن السياسي في حيرة لأنها جاءت من أمريكا الراعية لاتفاق منبر جدة مع حليفتها الاستراتيجية في المنطقة المملكة العربية السعودية والذي تم التوافق فيه على بنود مهمة وهي إخلاء الأعيان المدنية ومنازل المواطنين.. وهنا تبرز أسئلة مهمة وملحة وهي لماذا تبتدر الولايات المتحدة اتفاقا جديدا وهي أصلا راعية لاتفاق جدة؟.. وهل لايمكن أن تمارس أمريكا كل ماتريده من ضغوط من خلال منبر جدة؟
ولماذا قدمت أمريكا الدعوة باسم الجيش بدلا عن الحكومة السودانية؟
ولماذا أضافت الإمارات المتهمة من قبل الدولة السودانية وتقارير الأمم المتحدة ومن قبل الولايات المتحدة نفسها بأنها تدعم التمرد؟
سأحاول الإجابة على كل هذه الأسئلة علنا نتبين ماوراء هذه الدعوة
للإجابة على تبني الولايات المتحدة منبر جديد للمفاوضات رغم رعايتها لمنبر جدة لعل السبب فيه هو تبنيها رؤية الإمارات لحل القضية السودانية.. وافقت امريكا المشغولة بانتخاباتها على ماتريده الإمارات خاصة وأن الرؤية الإماراتية متطابقة مع الاستراتيجية الإسرائيلية في تفتيت الأقطار العربية والإسلامية ومع اقتراب انتخابات امريكا فهي تحتاج إلى الأموال الإماراتية ودعم اليهود.. ولعل الإمارات الراعي والممول الرسمي للمليشيا لم تقبل بما تم التوافق عليه في جدة ولايمكن تجاوز توقيع المليشيا على إعلان جدة إلا بفتح مسار جديد للتفاوض يلغي ماقبله من اتفاقيات والإجابة هذه مدخلنا للإجابة على السؤال الثاني وهو أن أمريكا تستطيع ممارسة ضغوطها على الحكومة السودانية والمليشيا إن كان المنبر في جدة أو جنيف إذن التحول سببه تبني الرؤية الإماراتية
وتساؤلنا الثالث عن سبب تقديم الدعوة باسم الجيش بدلا عن الحكومة
أوضح مايجيب عليه إقتراح المبعوث الأمريكي توم بيرلو على البرهان يلتقيه برفقة مسؤلين في الإدارة الأمريكية بشرط أن يكون اللقاء في مطار بورتسودان وهذا فيه إشارة لعدم اعتراف الإدارة الأمريكية بالحكومة السودانية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة ولكن الحكومة السودانية تفطنت لما يريده الأمريكان من رسالة وأصرت على أن يكون اللقاء في القصر الرئاسي بكل طقوس الزيارات بين الدول وبسبب ذلك لم تتم الزيارة وتبرير آخر عن حصر الحوار بين أطراف الصراع.. فهذا إن كانت الإدارة الأمريكية صادقة فبنبغي ضم المقاومة الشعبية للمفاوضات وكذلك حركات سلام جوبا التي تقاتل جنبا إلى جنب مع الجيش الوطني ولعل الكفيل الإماراتي لايريد ضغوطا كبيرة على المليشيا الحليفة لأن مشاركة حركات دارفور والمقاومة الشعبية ستفتح الباب لفتح كل ملفات الَمليشيا وانتهاكاتها ضد الشعب
ولعل الإجابات السابقة ألمحت أو أجابت عن لماذا أضيفت الإمارات المتهمة من قبل السودان كداعم للمليشيا كأحد المراقبين والرعاة لمفاوضات سويسرا.. ولعل إضافتها كان أمرا محرجا لأمريكا لذلك برر المبعوث الأمريكي بيرلو إضافتها بقوله إن ذلك سيؤدي لعقد سلام حقيقي.. كأنما أراد أن يقول الأفضل التفاوض مع الكفيل مباشرة والوصول لتسوية معه. ولنحاول سبر غور هذه الدعوة واتجاهاتها نقف على مواقف الحكومة والقوى السياسية منها
ولعل الموقف الحكومي الرسمي
ظهر في موقف الخارجية السودانية التي طلبت من المسؤولين الأمريكيين اجتماع للتحضير للمفاوضات والإجابة على أسئلة وتقديم بعض الشروط التي تسرب بعضها مثل إبعاد الإمارات والبناء على ماتم في جده ولعله تم التواصل مع الأمريكان بذلك ومايشير إلى أن الولايات المتحدة رفضت ذلك.. تصريح نائب وزير الخارجية السودانية في مؤتمر السودان الحرب المنسية بماليزيا عن الالتزام بمنبر جدة فقط للتفاوض.. موقف البرهان بعد هجوم مسيرات أيضا لخص الموقف الحكومي وهو ان الجيش ليس وحده معه حركات سلام جوبا في إشاره لأن تكون أي مفاوضات مع الحكومة
الكتلة الديمقراطية رفضت منبر جنيف واعتبرته نوعا من العبث كما عبر عن ذلك معتز الفحل القيادي بالكتلة
موقف المليشيا كان هو الترحيب بسرعة حتى دون تفكير وكذلك كان موقف تقدم لعلمها بأنه المقترح أصلا مقدم من كفيلهما. وقال المتحدث باسم تقدم بكري الجاك لقناة الحدث نحن نرى هذه فرصة تاريخية نادرة لإنقاذ البلاد
اجتهدت في البحث عن موقف او تعليق رسمي للإمارات عن مفاوضات جنيف دون جدوى ولعل موقفهم عبر عنه مرتزقة الدعم السريع وتقدم فكفوهم الحديث
والسؤال الأبرز هو ماذا تريد الإمارات وأمريكا في جنيف وهل توقيع وقف إطلاق نار طويل مع بقاء طرف في مكانه مدخل للتدخل بقوات بحجة مراقبة إطلاق النار.. تمهيدا لتقسيم البلد.. وهل سيستجيب البرهان ويذهب.. هذا ماستجيب عنه الايام القادمة
مشاركة الخبر علي :