Author Image
أضواء البيان

04 -09- 2024

سلسلة (مولد النور) كاملة
4/1
عادل عسوم
(لماذا ولد الحبيب يتيم الأب)
تألق الكون بالبشرى على ظمأ
بمولد النور فانجابت به الظلم.
غنت بمكة أطيار الهدى طربا
يردد السجع فيها البان والعلم.
إنه النور الذي أخبر به ربنا جل في علاه حيث قال الله تعالى:
{...قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} المائدة 15 ،16
لقد أطلق الله سبحانه تعالى النور في كتابه الكريم  على نفسه، وعلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وعلى القرآن، وعلى الهداية والايمان، وأطلقه على الأكوان.
وقد صف الله سبحانه القمر فقال {قمرًا منيرًا}، وحين وصف الشمس قال {سراجًا وهاجًا}، أما حين وصف الرسول صلى الله عليه وسلم قال: {وداعيًا إلى اللهِ بإذنه وسراجًا مُنيرًا}!، لقد جمع له الله تعالى بين الوصفين ليكتمل الجمال بالجلال، وليلتحم الضياء بالنور فيشرق للعالم كله...
ونبينا صلى الله عليه وآله وسلم نور ليس في ذاته، ووصف الله له بالنور يعني نور الهداية لا أنه خلق من نور كما ورد في بعض الأحاديث، وهي (كلها) اما موضوعة او ضعيفة.
قال الله تعالى : {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} الكهف110.
وما أكثر مناقب نبينا صلى الله عليه وسلم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيدي لواء الحمد ولا فخر، وما نبي يومئذ من آدم فمن سواه إلا تحت لوائي، وأنا أول من تنشق عنه الأرض ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر). أخرجه مسلم.
كما أخبرنا أيضا صلى الله عليه وسلم (بأنه أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة، وأول نبي يقضى بين أمته يوم القيامة، وأولهم جوازا على الصراط بأمته، وأول من يدخل الجنة بأمته، وهو الذي يشفع في رفع درجات أقوام في الجنة لا تبلغها أعمالهم، ويشفع في أقوام قد أمر بهم إلى النار فيخرجهم منها).
نبيّ بهذه الصفات وبذه المنزلة ، ينشغل الناس بالاختلاف حول كون الاحتفال بمولده بدعة أو لا، والاحتفاء الحقيقي حري به أن يكون بالمنهج الذي أتى به وهو الذي أسماه الله نورا، وهناك ما هو أخطر من الخلاف حول الاحتفال بالمولد ، انها الرؤية السائدة التي تخرج الرسول الكريم عن أعظم ما فيه، وهو فعله كل ما فعل (بجهد بشري) استحق التأييد الإلهي ليكون القدوة التي يقتدي بها كل مسلم، عوضا عن رجل خارق لن يفكر أو يستطيع أحد الاقتداء به، فلم تنطفئ نار المجوس بمولده عليه الصلاة والسلام، ولم ينشق إيوان كسرى، ولا حتى انتكست الأصنام، كل الاقوال التي حكت عن ذلك لم تثبت، وكل ما قيل بأنها أحاديث لم تتجاوز مرتبة الضعف أو الوضع. 
ولنعلم أن كل المعجزات التي ذكرت قد حدثت بالفعل لاحقاً نتاجا لسيرة حياته الشريفة والمليئة بالجهد والعمل والفعل،
نعم لقد أنطفأت نار المجوس، وشقَّ إيوان كسرى، وانتكست الأصنام على يديه، ولكن لم يحدث ذلك بمولده صلى الله عليه وآله وسلم، بل من خلال حياته الذاخرة وسيرته العطرة التي ينبغي لنا الانكباب عليها بمحبة واجلال لنسبر غورها ونتعلم منها الكثير.
فهل سألنا أنفسنا يوما: لماذا ولد نبينا صلى الله عليه وسلم يتيم الأب؟!
ظللت أسائل نفسي زمانا عن الحكمة في أن يولد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم فاقداً لحنان الأب وصحبته!
وتساؤلي ليس من باب التحرج من قضاء لله سبق، لا والله، إن الله يأمرنا بأن لايكون في أنفسنا حرج من قضاء له، وقضاء الله كله خير وان بدا لنا ظاهره بغير ذلك أحيانا.
إذاً، لماذا حُرِم الحبيب محمد صلى الله عليه وآله وسلم من نعمة التمتع بحنان الأبوة؟!
لقد بحثت عن الحكمة في ذلك في جل كتب السيرة -إن لم يكن كلها- بدءا من  سيرة إبن هشام، 

   

مشاركة الخبر علي :