كتب الأمير أحمد سعد عمر الأمير أحمد سعد عمر خضر
في ذكرى (43) لاستشهاد الشريف حسين الشريف يوسف الهندي
في التاسع من يناير عام 1982، ترجّل الفارس عن صهوة جواده، واستشهد الشريف حسين الهندي بفندق "خاليكزا" في مدينة أثينا باليونان، قادمًا من بيت الله الحرام بعد أدائه فريضة الحج، التي كانت بمثابة حجة الوداع. استشهد في طريقه لمخاطبة أول وآخر مؤتمر لشباب وطلاب الحزب الاتحادي الديمقراطي، الذي جمع السودانيين من مختلف أنحاء العالم، إلا أن إرادة الله حالت دون وصوله إلى ذلك اللقاء التاريخي.
لاقى الشريف حسين ربه مساء يوم وصوله إلى أثينا، ليفجع السودان والعالم أجمع بفقدان قائد معارضته، السياسي المفكر، الذي نذر حياته للبحث عن الحرية والديمقراطية لشعبه، ودعم حركات التحرر في أفريقيا والعالم العربي.
مولده ونشأته
ولد الشريف حسين يوسف الهندي بحي بري الشريف في الخرطوم منتصف عام 1924. نشأ وترعرع تحت رعاية خاله أحمد خير المحامي، أحد مؤسسي مؤتمر الخريجين. أكمل تعليمه الجامعي في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، وبدأ مسيرته السياسية مبكرًا بفوزه في دائرة "الحوش" بالجزيرة عام 1957، ممثلًا للحزب الوطني الاتحادي.
محطات نضالية بارزة
ابتعد عن السودان بعد انقلاب الفريق عبود، واستقر في القاهرة، حيث أقام علاقات مع مفكرين وقيادات سياسية مثل عباس محمود العقاد والرئيس جمال عبد الناصر. بعد ثورة أكتوبر 1964، تقلد منصب وزير الري، ثم وزير المالية، إلى أن وقع انقلاب نميري عام 1969.
غادر السودان إلى أثيوبيا معارضًا للحكم العسكري، وشارك في تأسيس الجبهة الوطنية بليبيا، التي جمعت الحزب الاتحادي الديمقراطي، وحزب الأمة، والإخوان المسلمين. قاد الثورة المسلحة في يوليو 1976 تحت قيادة العميد محمد نور سعد، لكن فشلها دفع بقادة آخرين إلى المصالحة مع النظام، فيما بقي الشريف حسين معارضًا ثابتًا على مبادئه حتى وفاته.
خصاله ومآثره
اتصف الشريف حسين بخصال نادرة؛ كان خطيبًا بارعًا ومفكرًا موسوعيًا يتمتع بسرعة البديهة، وكان دائم السعي لتعليم الطلاب السودانيين في الجامعات البريطانية، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية.
كان يؤمن بالعروبة والقومية، ويرى في الإسلام رسالة إنسانية تتجاوز العرق واللون. كان يدعو إلى الوحدة بين العرب والأفارقة، معتبرًا أن السودان يشكل الجسر الحقيقي لهذا الامتزاج.
وفاته ووصاله بالمحبين
كرمه الله بأن صُلّي على جثمانه الطاهر في ثلاث قارات: اليونان (أوروبا)، العراق (آسيا)، وطرابلس (أفريقيا)، قبل أن يعود إلى السودان حيث استقبلته الخرطوم بمشهد مهيب. ورغم ذلك، أظهر نظام نميري خوفه حتى من جسده المسجى، فعسكر المطار بالدبابات واعتقل مرافقيه.
ختامًا
رحم الله الشريف حسين الهندي، الذي عاش مدافعًا عن حرية الإنسان وكرامته، ولم يتنازل عن مبادئه الوطنية والقومية حتى آخر لحظة من حياته. نسأل الله أن يجزيه خير الجزاء، ويجعله في الفردوس الأعلى مع الصديقين والشهداء.
مع وعدي ان شاء الله كتابة ذكرياتي مع الشريف
مشاركة الخبر علي :