
د.سعاد فقيري تكتب: بيت السودان بالقاهرة… منبر الوطن الذي صار أداة إقصاء؟
في ليلة كان يُفترض أن تُضاء بالحب والوفاء للسودان، أُطفئت الأنوار وأُغلقت الأبواب في وجه أبناء الجالية السودانية بمصر، ليجدوا أنفسهم واقفين في الشارع، لا لذنب ارتكبوه، سوى أنهم أرادوا حضور أمسية فنية وثقافية "في حب الوطن".
بيت السودان بالسيدة زينب – الذي أُنشئ ليكون بيتاً جامعاً لكل السودانيين – تحوّل مساء الجمعة 15 أغسطس 2025 إلى رمز للخذلان، بعدما تم منع العشرات من أبناء الجالية، بعضهم تكبد عناء السفر من الإسكندرية وبورسعيد وسوهاج ومدينة بدر، من الدخول إلى قاعة الحفل الذي كان من المقرر أن يكرّم السفير الأسبق عبد المحمود عبد الحليم، أحد أعمدة الدبلوماسية السودانية.
قرار غامض… ومهانة على أبواب البيت
المفارقة المؤلمة أن الأمسية كانت بموافقة ودعم رسمي من السفير السوداني بالقاهرة الفريق أول ركن عماد الدين عدوي، ومع ذلك تم إلغاء الحدث قبل لحظات من بدايته، دون أي إخطار مسبق، تاركين المنظم والجمهور في حالة صدمة وإحباط.
الفنان التشكيلي والإعلامي الهادي جعفر، منظم الأمسية، عبّر عن مرارته قائلاً: "هذه هي المرة الثانية التي يحدث فيها الأمر نفسه، رغم موافقة السفير شخصياً. لماذا لم يتم إخطارنا قبل الحفل؟ هل أصبح تكريم رجل بقامة وطنية جريمة؟"
استهداف ممنهج أم عبث إداري؟
ما حدث ليس حادثاً عابراً، بل رسالة خطيرة: أن بيت السودان لم يعد ملكاً للجالية، بل ساحة لتصفية الحسابات وصراعات النفوذ، حتى ولو كان الثمن هو إذلال أبناء الوطن أمام أعين بعضهم البعض. الحضور وصفوا ما جرى بأنه "إهانة متعمدة" و*"صفعة في وجه الجالية"*، بينما يرى آخرون أنه استهداف لأنشطة ثقافية ووطنية بعينها.
صحة في خطر… وكرامة في مهب الريح
الأذى لم يكن معنوياً فقط. الهادي جعفر، الذي يعاني من ضعف في عضلة القلب، وجد نفسه في مواجهة انتكاسة صحية محتملة، وصفها بأنها "غيبة أمل"، بعدما حُرم من إتمام عمل وطني كان يعتز به. هذه ليست مجرد فعالية أُلغيت، بل استهتار بصحة الناس وكرامتهم ومشاعرهم.
المطلوب الآن: مساءلة ومحاسبة
حتى لحظة كتابة هذه السطور، لم تصدر السفارة السودانية أو إدارة بيت السودان أي بيان يوضح أسباب هذا التصرف، ما يفتح الباب أمام الشكوك والتأويلات. إن ما جرى يستدعي:
1. فتح تحقيق عاجل وشفاف حول من اتخذ قرار الإغلاق.
2. إعادة تعريف دور بيت السودان كمنبر جامع لا أداة إقصاء.
3. ضمان حق الجالية السودانية في مصر بممارسة أنشطتها الثقافية والوطنية بحرية وكرامة.
خاتمة:
بيت السودان ليس عقاراً حكومياً مغلقاً في وجه من يشاء المسؤولون، بل هو ملك معنوي لكل سوداني في مصر. إذا أُغلقت أبوابه في وجوه أبنائه، فإن أول ما يجب أن يُفتح هو ملف من يديرونه…
وإلا فليسموه بصدق: بيت السلطة… لا بيت السودان.
مشاركة الخبر علي :