
السفير/ علي باعو يكتب رسالة من القلب الي من يهمه الأمر تخفيض الدولار الجمركي واثره علي الإقتصاد السوداني
رساله من القلب الي من يهمه الامر
تخفيض الدولار الجمركي وأثره على الاقتصاد السوداني
يشهد السودان في السنوات الأخيرة أزمة اقتصادية خانقة انعكست بشكل مباشر على حياة المواطن، وكان لانهيار قيمة الجنيه السوداني أمام العملات الأجنبية دور محوري في تفاقم الأوضاع. ومن بين السياسات المالية التي أثارت جدلاً واسعاً تأتي قضية الدولار الجمركي، والذي يعتبره كثيرون من أبرز أسباب التضخم وارتفاع الأسعار، وبالتالي تدهور الوضع المعيشي للمواطنين.
ما هو الدولار الجمركي؟
الدولار الجمركي هو السعر الذي تحدده السلطات لحساب الرسوم الجمركية على السلع المستوردة. فعندما ترفع الحكومة هذا السعر، ترتفع الرسوم الجمركية تبعاً لذلك، مما يؤدي مباشرة إلى زيادة أسعار السلع المستوردة داخل السوق المحلي. وبما أن معظم احتياجات السودان الأساسية – من غذاء ودواء ومدخلات إنتاج – تأتي عبر الاستيراد، فإن أثر الدولار الجمركي يكون واسع النطاق ويشمل جميع القطاعات.
الدولار الجمركي وانهيار الجنيه
كثير من الخبراء والفاعلين في السوق يؤكدون أن الدولار الجمركي هو أحد أهم أسباب انهيار الجنيه السوداني. فبدلاً من أن يكون أداة لدعم الاقتصاد، تحول إلى عبء ثقيل على المواطن والمستورد معاً:
المستورد يضطر لدفع رسوم جمركية باهظة، مما يرفع تكلفة البضائع.
المواطن يشتري السلع بأسعار مضاعفة، في ظل ضعف دخله.
تتراجع حركة الاستيراد، ويقل المعروض من السلع، فترتفع الأسعار أكثر بسبب شح السوق.
جدوى خفض الدولار الجمركي
لو أقدمت الحكومة على تخفيض الدولار الجمركي بنسبة 75% لمدة عام واحد، فإن لذلك انعكاسات اقتصادية إيجابية ملموسة:
1. انخفاض أسعار السلع الأساسية: ستشهد الأسواق هبوطاً كبيراً في أسعار الغذاء والدواء ومواد البناء والأجهزة، مما ينعكس مباشرة على معيشة المواطن.
2. زيادة حركة الاستيراد والتجارة: مع انخفاض الرسوم الجمركية، يعود النشاط التجاري تدريجياً، وتنتعش الأسواق.
3. تحفيز الاستثمار: انخفاض تكلفة المدخلات يشجع المستثمرين المحليين والأجانب على ضخ أموالهم في مشاريع جديدة.
4. تحقيق الاستقرار الاجتماعي: حين تنخفض الأسعار ويشعر المواطن بتحسن أوضاعه، يزداد الاستقرار وتقل الاحتقانات.
5. انعاش القطاعات الإنتاجية: انخفاض تكلفة المواد الخام ومدخلات الإنتاج سيدعم الزراعة والصناعة، مما يرفع الناتج المحلي ويخلق فرص عمل.
التحديات المتوقعة
رغم الفوائد، فإن تطبيق خفض الدولار الجمركي يحتاج إلى:
إدارة مالية رشيدة تعوض النقص في الإيرادات الجمركية عبر توسيع المظلة الضريبية وتشجيع الإنتاج المحلي.
سياسات موازية مثل ضبط الحدود ومحاربة التهريب حتى لا تتحول البلاد إلى سوق مفتوحة لسلع غير مراقبة.
إصلاح مؤسسي شامل في الجهاز الجمركي والمالي لتفادي أي استغلال أو فساد.
الخلاصة
إن تخفيض الدولار الجمركي ليس مجرد إجراء مالي، بل خطوة استراتيجية لإعادة إنعاش الاقتصاد السوداني وكسر الحلقة المفرغة من التضخم وانهيار العملة. ولو تم تنفيذه بجدية، وبتخفيض لا يقل عن 75% لمدة عام كامل، فإنه سيُحدث تحوّلاً كبيراً، حيث ستنخفض الأسعار، وتنتعش التجارة، وتستعيد البلاد شيئاً من عافيتها الاقتصادية والاجتماعية.
فالجمارك يجب أن تكون أداة لدعم النمو، لا سبباً في الانهيار.
بقلمي ..
علي باعو
مشاركة الخبر علي :