أضواء البيان تنعي
البروفيسور الحبر يوسف نور الدائم فقد كان مصباحا من مصابيح التنوير بنور القرآن عسى الله أن يضيء قبره بنور القرآن ويجعل له يوم القيامة نورا.... و(إنا لله وإنا إليه راجعون) ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
ولد البروفيسور الحبر يوسف في الأول من أبريل 1940 لأسرة متدينة من السروراب في ريف أم درمان الشمالي ،ودرس كل مراحله قبل الجامعة في أمدرمان فدرس المرحلة الأولية بحي العرب والوسطى بأم درمان والثانوية بمدرسة وادي سيدنا والتي ارتبط فيها بالإتجاه الإسلامي ثم كلية الآداب جامعة الخرطوم حيث تخرج ببكلاريوس الآداب بمرتبة الشرف في اللغة العربية وجرى تعيينه بالجامعة وأبتعث لتحضير الدكتوراة في جامعة أدنبرا بالمملكة المتحدة. وكان د. الحبر أبدى تميزا في اللغة العربية لفت إليه اهتمام بروفيسور عبد الله الطيب فأولاه رعاية خاصة تحولت إلى صداقة متينة فبرفيسور عبد الله الطيب كان يرى فيه الخليفة من بعده ومن سوف يمضى على نهجه في الإعلاء من شأن اللغة العربية حتى أنه قال عندما غادر للتدريس في المغرب تركت فيهم الحبر . فبرفيسور الحبر عالم لغة حاذق ،وصاحب فصاحة وبيان ماهر، وهو إلى ذلك شاعر قوي العارضة، ملتزم بطريقة أستاذه عبد الله الطيب وطرائق الشعراء القدامى وهو عليم بالقرآن وعلومه ومفسر متدبر لمعانيه وإشاراته، وقد ظل يقدم ويفعل برنامج (سحر البيان) في تفسير القرآن يوميا، وتفسيره يجري على طريقة علماء اللغة في التفسير، على نهج الزمخشري وأبن عطية فمدخله ومفتاحه للتفسير هو اللسان العربي المبين.
وبعد عودته من البعثة عمل د. الحبر في قسم اللغة العربية في كلية الآداب حتى صار رئيسا له لكنه كان مداوما على تقديم المحاضرات والبرامج الإذاعية مثل برنامج سحر البيان بالإذاعة وبرنامج أحسن الحديث بقناة الشروق.
وقد كان التزم بالحركة الإسلامية في أول سنوات دراسته بالمدرسة الثانوية بوادي سيدنا وظل عضوا بارزا في نشاطها داخل السودان وإبان دراسته في بريطانيا، وهو من مدرسة في الإسلاميين تعطي الأولوية للتكوين والتربية، وقد انحاز لمجموعة كونها بروفيسور مالك بدري وكانت أتخذت مجموعتها الخاصة بعد مؤتمر 1969، الذي ترجح فيه جانب د. الترابي. ومضى د. الحبر بعد المصالحة مع مجموعة شيخ الصادق عبدالله عبد الماجد التي آثرت مبايعة الحركة الأم في مصر وتسمت بإسم الإخوان المسلمين، وورثت الإسم والمنهج الإخواني، الذي كان يميل للعمل الاجتماعي والتربوي. وقد انتخب بروفسير الحبر مراقبا لأخوان السودان بعد تنازل شيخ صادق في 2008 وتنازل بعد انتهاء دورته لينتخب الشيخ على جاويش من بعده. ورغم الخلاف بين إتجاهه مع التيار الآخر إلا أن بروفيسور الحبر رجل له طبع ودود ومزاج معتدل وقد كان يدفع دائما نحو التفاهم والتوافق ثم قاد هذا التوافق بعد تولي المسؤولية وقبل مبدأ المشاركة السياسية وكان قد انتخب عضوا برلمانيا في المجلس الوطني ثم رئيسا للجنة التعليم لدورتين وكان ابان ذلك عضوا بالمجمع الفقهي منذ تأسيسه كما كان عضوا دائما في مجلس أمناء الزكاة.
ونهج بروفسير الحبر الفقهي وسطي يتباعد عن التشديد ويميل للتيسير وتفسيره للقرآن وتأويله يمضي على ذات النهج، وهو أشبه في ذلك بسجيته التي تجانب التكلف وتميل للتلطف وحسن الخطاب.
نفع الله بعلم أستاذنا بروفيسور الحبر نور الدائم وأطال على ظاهر الأرض مكوث ظله، وجعله تراثه العلمي تركة مستدامة صالحة لأجيال أبناء المسلمين، وجعل كل ذلك تثقيلا لميزانه يوم تنصب الموازين، فينادى به بإذن الله من أهل القرآن فيومئذ يسعد أهل القرآن ويرتقون إلى نعيم مقيم.
مشاركة الخبر علي :
مشاركة الخبر علي :