
محمد التجاني عمر قش يكتب: قالوا عن بارا .... كلام بحب!
عندما غنى العندليب الراحل عبد الرحمن عبد الله "ود بارا" رميته ذائعة الصيت التي يقول فيها:
بلدي جنة سواقي الريد
مرتع الغزلان وادي النخيل والصيد
لم يكن ذلك مجرد شعر أو نسج خيال، بل هو تعبير واقعي تماما عن بارا، تلك المدينة الوادعة التي تحتضنها رمال شمال كردفان وكثبانها اللامعة بمعدن السليكون، وتزينها أشجار النخيل الباسقات وتعطرها رائحة الليمون والجوافة وتغطي تربة سواقيها خضرة يانعة تنبت بالخضر من كل نوع وصنف! هذه المدينة يا حضرات السادات تهفوا إليها أفئدة العشاق، ففيها الماء والخضار والوجه الحسن، وكل تلك من مدخلات السرور على النفس. وبارا ماؤها نمير وهواها عليل وظلها وارف وإنسانها جميل طبع وخلقة، ما تكاد تراها أو تسمع عنها إلا تحبها فهي واحدة من مدن السودان التي تغنى بها الشعراء مثل كسلا وأم درمان وغيرها:
أمشي بارا وديك أم روابه
في الأبيض غرد حبابه
والنهود الآسر شبابه
درة رايعة وحايزة الكمال
وهذا المقال يتناول ما قاله الشعراء مؤخرا عن بارا وهم يعبرون عن فرحتهم بتحريرها من ربقة التمرد وتطهير أديمها من دنسهم ورجسهم فقد عاثوا فيها فسادا وعربدة وسرقوا حتى الأواني من منازل الناس. وبهذه المناسبة كتب الشاعر والدبلوماسي الأنيق والأديب الألمعي والصديق الوفي الدكتور خالد فتح الرحمن عن بارا بعد تحريرها قائلاً:
بارا ... ويضحك في المدى ليمونها
فتشيل خضرته الضحوك عيونها
ويطيب بالتهليل حزن جراحها
وتغيب في الفرح
الجديد شجونها
وتعود أسراب
الطيور لدوحها
المهجور صادحة
تنوس لحونها
يا "غنية الليمون"
في إيقاعها
ترتاح قافية سقتك فنونها
ستظل منك على
المكارم نفحة
يبقى على وجه الندى
مكنونها
خالد فتح الرحمن رجل شفيف العبارة ينتقي كلماته وعباراته وصوره الإبداعية من ينبوع معرفي ولغوي صافي بنبض بحب الوطن فهو شاعر وأديب وكاتب صحفي مرموق وأستاذ جامعي ودبلوماسي ماهر، حفظه الله في حله وترحاله، وجزاه الله خيرا عن بارا وأهلها فقد تحدث عنها وأجاد بحب وروعة لا تضاهى.
أما شاعرنا الشاب الظريف الفاتح أبو السارة فقد أدلى هو الآخر بدوله معبرا عن فرحته الغامرة بالنصر المبين الذي حققته قواتنا الباسلة في بارا، وقد تحدث بحب أيضاً فهو ترعرع بين سواقي بارا وسار في دروبها وتنسم عبقها مع صوت السواقي الحاني في هدأة الليل البهيم فاختزنت ذاكرته الوقادة صورا رائعات عبر عنها في أغنيته التي يقول فيها:
شوقي لي بارا أم جناين
شوقي لي أم المدائن
شوقي لي مايق الرواين
والسماح الفيها باين
يا ديار أم بدة خيرك
مستحيل نهواهو غيرك
شوقي لي ريحة خدارك
وللعريب الفي جوارك
وشارك الشاعر المبدع مسلم الأمام أحمد من دار جعل بهذه الأبيات تعبيرا عن فرحته بتحرير بارا فقال:
أبشر يا ود قش الليلة جاتنا بشارا
قالوا بارا أتحررت واتحكرت في الدارا
عنوة واقتدار لي الدايرها والما دارا
فزوا الهمج خلوا ناس أم كعوك تضارا
تحرير بارا فقع لي الجماعة مرارا
الحرب صبر، تكتيك، وروح وجسارا
ما شغل عريد وشتيت كلما تشد الغارا
مالو الليلة ليمون بارا جابلوا مرارا
وبما أن الحديث عن بارا بحب لا أملك أن أشارك الأخوة الشعراء خالد، وأبو السارة ومسلم بهذه الأبيات وأقول:
مبروك النصر يا جندونا بارا عادت حرا
دوسوا النجوس بالقوة نضفوا البلد فد مرا
دقوا المليشي الخاين لمن يضوق المرا
ورونا الجغم العديل خلوا النفوس تنسرا
وكل هذا الدفق هو غيض من فيض.
مشاركة الخبر علي :