
د.سعاد فقيري تكتب: الخبرة هي المعيار الحقيقي للتوظيف
تُروى نكتة طريفة عن أحد أبناء حلفا، تقدّم لوظيفة في الخطوط البحرية، حاملاً معه ست عشرة شهادة خبرة من كبريات الخطوط البحرية العالمية. وعندما عرض نفسه وشهاداته أمام لجنة الاختيار، سأله رئيس اللجنة: "وتاني غير ديل اشتغلت وين؟" فأجاب مازحاً: "اشتغلت مع سيدنا نوح."
ورغم أن الموقف يثير الابتسام، إلا أنه يعكس واقعاً مؤسفاً يعيشه كثير من طالبي العمل اليوم؛ إذ لم تعد الخبرة العملية ولا الكفاءة المهنية هي المعيار الأهم في التوظيف، بل حلت محلها التوصيات، والتمكين السياسي، والاعتبارات القبلية والجهوية.
إن الوظائف ليست هبات شخصية ولا جوائز للولاء، وإنما مسؤولية وطنية وأمانة تحتاج إلى من يمتلك القدرة الحقيقية على الإنجاز. فإقصاء أصحاب الخبرة لصالح أصحاب النفوذ لا يؤدي إلا إلى تراجع المؤسسات، وإضعاف الأداء، وضياع الكفاءات الشابة التي تعبت في اكتساب مهاراتها.
من هنا، فإننا نوجه رسالة إلى لجان الاختيار للتوظيف:
أعيدوا الاعتبار للخبرة العملية كسند أساسي في تقييم المتقدمين.
ضعوا معايير شفافة وعادلة تُطبّق على الجميع بلا استثناء.
اجعلوا الكفاءة مقدّمة على المحسوبية، حتى نضمن مؤسسات قوية قادرة على خدمة الوطن.
فإذا لم تكن الخبرة معيارنا الأول، فإننا سنجد أنفسنا في واقع ساخر أشبه بالنكتة: حتى من عمل مع سيدنا نوح، لن يجد مكاناً له!
مشاركة الخبر علي :