
حديث الساعة:- الهام سالم منصور تكتب: الفاشر السلطان على موعدٍ مع التاريخ
حين تبدأ خطوات الجيش تتقدّم بثبات نحو المدن التي عرفت الوجع، تتحرك الأرض تحت أقدام الرجال لا من أجل الحرب، بل من أجل التحرير.
وهكذا، تمضي فاشر السلطان، المدينة التاريخية، نحو لحظة فارقة في مسيرتها، وهي تترقّب من بعيد موكب الفجر القادم، بينما الجيش السوداني يواصل تقدّمه البطولي على محورين حاسمين، في معركة لا تحتمل إلا خيار النصر.
فاشر السلطان، التي قاومت بصمت، وتحمّلت من الألم ما لا يُطاق، اليوم تعيش بين الانتظار والترقّب، وبين صوت الأمل في القلوب، وصوت الرصاص في المحاور. ليست محررة بعد، لكنّها أقرب ما تكون من التحرير، حين ترى رجال الوطن يزحفون نحوها، لا كجيوش غزو، بل كأبناء يعودون إلى أمهم بعد طول غياب.
إنّ التقدّم المحوري الذي يحرزه الجيش السوداني نحو المدينة لا يعبّر فقط عن نجاح ميداني، بل عن تحوّل في ميزان الإرادة، ورسالة واضحة مفادها: أن لا مدينة تُسلَب إلى الأبد، ولا أرض تُترك للمليشيات والمرتزقة تعبث بها دون ردّ.
وما أجمل الزغاريد التي تتهيأ في حناجر النساء، وما أعمق الصبر الذي اختزنته فاشر السلطان وهي تراقب من بعيد بعيون الأمهات، وتدعو بقلوب المقهورين أن تعود رايات الجيش مرفوعة، والكرامة مستعادة.
هنا، لا نعلن النصر بعد، لكننا نعلن أن النصر صار قاب قوسين أو أدنى. وأن مدينةً مثل فاشر، بتاريخها وموقعها وقيمتها، لا يمكن أن تبقى رهينة قوى الظلام طويلاً، طالما أن في الوطن رجالًا يقاتلون لا من أجل الكرسي، بل من أجل علمٍ يُرفع، وسيادة لا تُمس.
التقدّم على المحورين لا يعني فقط تقدمًا عسكريًا، بل هو أيضًا تقدّم في المعنويات، في وحدة الصف، في وضوح البوصلة. إنها لحظة من لحظات الصحوة الوطنية، حين يتقدم الجيش من أجل الوطن، وتتوحد الدعوات خلفه، وتتحول المدن من خرائط جغرافية إلى قلاع للكرامة.
فاشر السلطان، في هذا المشهد، ليست مجرد مدينة على الخريطة، إنها الرمز، والرسالة، والعنوان. والذين يتقدمون اليوم نحوها، لا يدخلونها فاتحين، بل محررين، يعيدون إليها بهجتها ودفئها وأمانها.
ومع كل متر يقطعه جنودنا الأبطال نحوها، تتراجع الهزيمة، ويتقدّم الوطن خطوة نحو التعافي.
هي لم تتحرر بعد، لكن كل شيء فيها يستعدّ للفرح:
البيوت المنهكة تتهيأ لاستقبال أصحابها.
الأمهات ينتظرن أسماء أبنائهن في قوائم العائدين لا المفقودين.
والسماء تتهيأ لتُمطر... لا ماءً، بل كرامة.
نعم، فاشر السلطان الآن ليست حرة بالكامل، لكنها أصبحت حرة في قلوبنا وعقولنا، وفي قلوب رجال الجيش الذين أقسموا ألا يُنزلوا بنادقهم حتى تعود كما كانت، عروس الغرب وزينة الوطن.
إنها ليست نهاية المعركة، بل بدايتها الحقيقية.
وحين يتقدّم الجيش في محورين، فإن ثالثهما هو محور الشعب، الذي يقاتل بالصبر والدعاء والدعم، ويؤمن أن من يملك الحق والإرادة، لا بد أن ينتصر.
مشاركة الخبر علي :