
بروفيسور معتصم إبراهيم خليل يكتب: مواجهة الكوارث
تفاجئنا الأقدار بكوارث تتباين في مآسيها وعدد ضحاياها, ولما أثير مؤخرا على صفحات التواصل الاجتماعي والجرائد اليومية من مزاعم حول استخدام السلاح الكيمائي رأيت لزاما علىَ إلقاء الضوء على كيفية التعامل مع ومواجهة مثل هذه الكارثة لا قدر الله وقوعها في أي مكان من العالم.
علينا كخطوة أولية تسجيل مشاهداتنا لما نراه في موقع الحدث فهي مؤشرات ودلائل إثبات أو نفى.
أول تلك المؤشرات ظهور أعراض مرضية في سكان منطقة الحدث تتمثل في الكحة وضيق التنفس والاستفراغ والتشنج والتقرح واختلال الاتزان وسيلان اللعاب وتهيج العيون والتدميع واتساع حدقة العين. وهذه مؤشرات رئيسة.
ثاني هذه المؤشرات نفوق الحيوانات الأليفة والطيور والأسماك أو إصابتها بأعراض مرضية. ومن أهم المؤشرات اختفاء حشرات المنطقة لأنها تتأثر بأقل تركيز للكيماويات السامة.
ثالثاً ظهور مواد عالقة في الهواء وسحب غير مألوفة وضباب وبخار ملون ولمعان زيتي وروائح نتنة وخانقة لا تشبه ما تفرزه مصانع المنطقة.
رابع هذه المؤشرات مشاهدة تلوث للبيئة المحيطة تظهر في الزرع والتربة والمياه وتغير ألوان الطلاء وتأكل المعدات المعدنية وظهور ترسبات وقطرات سائلة لا مائية على أوراق النبات والشجر والمباني والسيارات.
وهناك ما يوصف بالمؤشرات الوبائية تتمثل في إصابة مجموعة كبيرة من سكان المنطقة بنفس الأعراض المرضية في نفس الوقت وخلال دقائق أو ساعات قليلة وتكدسهم في المستشفيات وعيادات الطوارئ بشكوى مماثلة.
هذه المؤشرات تدل على وجود مادة أو مواد كيميائية سامة. علينا الابتعاد من منطقة الخطر وعدم ملامسة أي حسم فيها والهروب في عكس اتجاه الريح واللجوء لأماكن عالية وخلع الملابس والتخلص من المتعلقات الشخصية الملوثة وتجنب الاحتكاك بالمصابين والتوجه للمستشفى إذا أصبت بأي من الأعراض المذكورة أعلاه. أطلب الإسعاف وحدد موقعك وأوصف مشاهداتك مبتعدا عن أي جسم حولك.
بناءً على هذه المؤشرات نلجأ لكادر مؤهل من الكيميائيين والعلوم الجنائية للكشف عن نوع وطبيعة تلك المواد الكيميائية السامة مزودين بمعامل معدة إعدادا حديثا للتحليل الكيميائي والفصل الكروماتوغرافي وقياس أطياف فوق البنفسج وتحت الحمراء والطنين النووي المغنطيسي وقياس الكتلة.
في حال انعدام تلك الإمكانات علينا اللجوء بطلب العون من منظمة حظر السلاح الكيميائي المعروفة اختصاراً ب:
{OPCW}
ORGANIZATION FOR PROHIBITING CHEMICL WEAPONS
ثم تجهيز كادر طبي لإنقاذ المصابين.
أخيرا لا بد من إعداد أنفسنا لمواجهة مثل هذه الكوارث وما أكثرها وما أخطرها.
بروف/ معتصم إبراهيم خليل
أستاذ الكيمياء
جامعة الخرطوم
جامعة قار يونس
جامعة الملك سعود
سابقا
مدير مركز ميك للأبحاث
الرياض فى 16 /9/2025
مشاركة الخبر علي :