
حديث الساعة إلهام سالم منصور تكتب: القوات المسلحة السودانية والدعم السريع: هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون؟
منذ أن بزغ فجر الاستقلال، كان السودان يعرف جيشه، ويعرف أنه جيش عقيدة وانضباط، جيش خرج من رحم الشعب، ليذود عن الوطن ويصون كرامته. لقد نشأ الجيش السوداني من قيم الدين والرجولة والشهامة، فكان بحقّ مدرسة الوطنية التي تعلم منها أبناء السودان معنى التضحية والفداء.
لقد اعتدنا، ونحن صغار، أن نصحو على أصوات التكبير والتهليل تملأ السماء، معلنة انتصارات القوات المسلحة السودانية على التمرد في جنوب الوطن. كانت فرحة النصر لا تقتصر على الشماليين وحدهم، بل حتى أهل الجنوب كانوا يستقبلون دخول الجيش بالفرح والطمأنينة، لأنهم يعرفون أن هذا الجيش لا ينهب، لا يسرق، لا يروع المدنيين، بل يكرم النساء، ويحمي الشيوخ، ويحتضن الأطفال.
القوات المسلحة السودانية لم تكن يومًا جيشًا عشائريًا أو مليشيا متفلتة، بل مؤسسة وطنية أصيلة، قائمة على العقيدة والانضباط، تقاتل بعلمٍ ومنهج، وتستمد قوتها من الله أولًا، ومن حب الوطن ثانيًا. جيش لا يعرف الخيانة، ولا يبدل المبادئ بالمال أو المناصب، لأنه وُلد من تربة هذا الشعب، ورضع من لبان الإيمان والوفاء.
وفي المقابل، ظهرت مليشيا الدعم السريع، كجرح غريب في جسد السودان، لا يشبهه في شيء. مليشيا لا تعرف من العسكرية إلا اسمها، ولا من الوطنية إلا ما تستغله ستارًا لأطماعها. لقد ارتبط اسمها في ذاكرة الشعب بالخوف والدمار والنهب، حتى صار الطفل قبل الشيخ يرتجف عند سماعه. كيف يُقارن جيش له تاريخ يمتد لعقود من الشرف والفداء، بمليشيا لا رصيد لها إلا الخيانة والخراب؟
قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر: 9].
ونحن نقول: هل يستوي جيش يعلم معنى العقيدة والانضباط، مع مليشيا لا تعرف شرف الحرب ولا آدابها؟ هل يستوي جيش قاتل في فلسطين وسوريا ومصر، وحمل راية العزة في إفريقيا، مع مليشيا خانت وطنها وأحرقت أرضها؟
القوات المسلحة السودانية هي سور الوطن العظيم. رجالها أبناء هذا الشعب، خرجوا من البوادي والقرى والمدن، بسطاء المظهر، لكنهم يحملون في صدورهم قلوب الأسود. يجوعون ليشبع الوطن، يعطشون لتُروى أرضه، ويضحون بأرواحهم ليبقى السودان عزيزًا شامخًا. لقد قدموا آلاف الشهداء على مر التاريخ، وما زالوا يقدمون، لأنهم يؤمنون أن الموت في سبيل الوطن حياة.
لقد قال أجدادنا في المثل السوداني: «الزول البِحَرِّسَك ما بْنوم». وهكذا هو جيشنا، لا ينام حين ينام الناس، يسهر على الحدود، يحرس المدن، ويصد كيد الأعداء. وإن خانت بعض النفوس، فإن جيش السودان لا يخون، لأنه ليس جيش أفراد، بل جيش أمة كاملة.
اليوم، يقف السودان على مفترق طرق، لكن في كنف قواته المسلحة لن يضل الطريق. فهي الحارس الأمين، والصخرة الصلبة التي تتحطم عندها كل المؤامرات. ولتعلم الأجيال أن الجيش هو الذي يصنع السلام ويحميه، وأنه سيظل حتى قيام الساعة الدرع الواقي للوطن.
فلنرفع أصواتنا عاليًا، ولنهتف معًا:
جيشنا هو عزتنا، جيشنا هو كرامتنا، جيشنا هو السودان.
فلا يستوي جيش الوطن مع مليشيا الخيانة، ولا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون..
مشاركة الخبر علي :