حديث الساعة إلهام سالم منصور تكتب: السودان ينهض بسواعده لا بتدخلات الآخرين
لقد أثبت التاريخ، مرارًا وتكرارًا، أن الأمم التي تنهض بحق، هي تلك التي تعتمد على ذاتها، على إرادتها الحرة، وعلى وعي شعوبها، لا على المعونات المشروطة، أو التدخلات المفروضة، أو الإملاءات القادمة من وراء البحار.
والسودان، برغم ما يمرّ به من حرب ضروس، وتدهور اقتصادي، وانقسام سياسي، إلا أنه لا يزال يملك كل مقوّمات النهوض الحقيقي. فهذه الأرض التي أنجبت ثوارًا ومفكرين وعلماء ومزارعين وصناعًا وعسكريين، لم تفقد بعدُ بوصلتها، ولا فقدت رجالها ونسائها القادرين على البناء.
إن السودان لا يحتاج لوصاية، ولا لبعثات مراقبة، ولا لحلول مفروضة من الخارج. فكل محاولة لإقحام الأجندات الدولية أو الإقليمية في شؤون السودان، لم تأتِ يومًا بخير، بل كانت دائمًا جزءًا من المشكلة، لا من الحل.
نعم، السودان يمرّ بأزمة، لكن أزمته ليست في شعبه، ولا في موارده، بل في إدارة تلك الموارد، وفي تشتّت الإرادة السياسية، وفي تغليب المصالح الذاتية على المصلحة الوطنية العليا. لكن حتى هذه العوائق ليست قدرًا محتومًا، بل يمكن تجاوزها حين يجتمع السودانيون، لا كفصائل، بل كأمّة.
فهل يُعقل أن بلداً:
يملك ثالث أكبر احتياطي من الذهب في إفريقيا،
ويُعرف بأنه سلة غذاء القارة،
وتخترقه أنهار وموارد مائية وزراعية لا تحصى،
ويضم شعباً من أكثر شعوب المنطقة وعيًا وتعليمًا وإنتاجًا ثقافيًا،
...أن يعجز عن النهوض دون الاستعانة بمخالب الخارج؟
إن الحل الحقيقي يبدأ من الداخل:
من الجيش الوطني حين يضع السودان فوق كل اعتبار، ويؤمن بأن قوته هي في حماية الشعب لا السيطرة عليه.
من القوى السياسية حين تترفّع عن مصالحها الضيقة، وتُقرّ بأن لا أحد يملك وحده حق تمثيل السودان.
من الشباب حين يقرر أن مستقبله لا يُرسم في مخيمات اللجوء ولا في حدود الهجرة، بل على تراب بلاده.
من الكوادر المهنية والعلمية حين تعود لبناء مؤسسات الدولة بإخلاص وكفاءة.
لا حاجة لنا في وصاية أجنبية. ولا خلاص لنا من خلال التدخلات الإقليمية التي لا تسعى إلا لحفظ مصالحها. السودان لا يُبنى إلا بإرادة سودانية خالصة. وإذا كان هناك طريق للسلام، والاستقرار، والتنمية، فهو يبدأ من كلمة: "سنعتمد على أنفسنا."
ولن ينهض السودان إلا حين يوقن كل سوداني أن هذه الأرض لن يحررها إلا من زرعها، وسهر على حدودها، وعلّم أبناءها، وأخلص لها حين تخلّى عنها الآخرون.
مشاركة الخبر علي :