بقلم/ محفوظ عابدين
تباينت تعليقات زوار المواقع (الإخبارية) و(القروبات) المختلفة في( الخبر) الذي كان متداولا فيها حول الحملة التي بدأتها محلية (شندي) في إزالة أشجار (المسكيت) في عدد من وحداتها الإدارية.
وكانت تلك التعليقات منها الإيجابي ومنها غير ذلك والذي يرى أن الأولوية يجب أن تكون للمهدد الأمني الذي يستهدف البلاد في وحدتها وإستقرارها ،ويجب أن لا يهدر الوقت والجهد في عمل ليس له الأولوية في الوقت الحالي.
وقد تكون فاتت على هؤلاء العلاقة بين (الحرب) و(الأشجار) وهي علاقة ممتدة بين الازمان وقد وثقت لها قصة( زرقاء اليمامة) تلك المرأة المعروفة بحدة بصرها وترى مسافات اطول والقصة معروفة للجميع عندما حذرت قومها وقالت لهم أنني( أرى شجرا يسير) لم يصدقها القوم وسخروا منها إلى أن هاجمهم (العدو) في عقر دارهم ،والذي كان يتخبى خلف (غصون) و(فروع) من الأشجار حتى لايراه أحد، وقتل من قوم (الزرقاء) ما قتل من رجالهم وسبى نسائهم وسلب ونهب ممتلكاتهم،وقد أدرك من سلم من قومها ،صدق حديث (زرقاء اليمامة) وصارت قصتها مثلا للتحذير( إنني أرى شجرا يسير ) ،ولمن لم يأخذ به أيضا.
ولم تقف علاقة (الحرب) و(الشجر) عند قصة زرقاء اليمامة ،ولكن ارتبطت عندنا في السودان عندما يتمرد شخص (حقيقة) أو( مجازا) يقولون إن فلانا قد دخل (الغابة) تعبيرا عن التمرد الذي ارتبط بالغابة باعتباره أصبح خارجا عن سلطة القانون أو تمرد عليها بدخوله(الغابة).
والغابة أيضا لها قانون معروف وسط قاطنيها من الحيوانات أن (القوي) يأكل (الضعيف) وهو( قانون الغاب) وهذا ايضا فيه (غياب ) لسلطة القانون الذي يحفظ الحقوق للجميع.
وحملة إزالة المسكيت التي شرعت فيها محلية شندي هي حملة (أمنية) في المقام الأول قبل أن تكون حملة (إجتماعية) و(بيئية).
وهذه الأشجار التي دخلت إلى السودان في بداية الثمانينات من القرن الماضي بواسطة منظمة( أجنبية) كان هدفها الظاهر هو مكافحة( الزحف الصحراوي) الذي كان مننتشرا في عدد من مناطق السودان المختلفة وسوقت تلك المنظمة للترويج لفكرتها عبر الإعلام الجماهيري في ذلك الوقت لإقناع الناس والسلطات بقبول تنفيذ زراعة (المسكيت) في السودان ونثرت تلك المنظمة بذور هذه الأشجار بالطائرات لتغطية اكبر مساحة من الأراضي السودانية ،حيث اكتشف أهل السودان مؤخرا خطورة هذا ( المسكيت) الذي يفقر التربة ويفقدها خصوبتها ويزحف على المساحات بسرعة البرق دون إستثناء أن كانت مشروعات زراعية أو مناطق سكنية، او حتى مواقع خلوية، واتضح أن هذا (مخططا) كان يستهدف الأرض كمورد مهم من الموارد التي يتمتع بها السودان وهو مهدد للأمن للوطني ،وهو بالضبط مثل الحملة التي يتعرض لها السودان الآن في هذه الحرب التي تستهدف مورده البشري بالقتل والإبادة والنزوح والتهجير وعمليات التغيير الديمغرافي والاستيطان لمجموعات من خارج السودان،ليكتمل المخطط باستهداف ( الأرض والإنسان)
وغابات المسكيت بلغة الحرب والحالة الأمنية التي تشهدها البلاد في الوقت الحالي هي (خلايا نائمة) تستهدف خصوبة الأراضي السودانية وتهدد المشاريع الزراعية والمناطق السكنية والأراضي غير المستخدمة.
وغابات المسكيت هي( خلايا نائمة) تعيش بيننا ولا نشعر بخطرها بالضبط مثل الخلايا النائمة إلا بعد تحاصرنا من كل جانب وحينها لا تنفع اي معالجات لوقف هذا الخطر حتى لو بمثل هذه الحملات التي تنفذها محلية شندي ويسخر منها البعض.
وغابات المسكيت تشكل خطراً إجتماعيا تهدد( سلامة) المجتمع لأنها تصبح (وكرا) تمارس فيها مختلف الجرائم، أو قد يجد (العدو) الذي يتربص بالسودان فيها مخبا أو من وراءها كما فعل (أعداء) قوم زرقاء اليمامة ولن تنفع بعدها اي معالجات مهما كانت لوقف هذا الخطر وان تعالت أصوات( الساخرين) من حملات إزالة المسكيت التي تنفذها محلية شندي في هذا الوقت وإن تميزت تلك الأصوات ب(حدة البصر) والنظر إلى مسافات بعيدة وقالوا (إننا نرى شجرا يسير)، لأن( الفأس) تكون قد وقعت على (الرأس)،ولات حين مناص.
مشاركة الخبر علي :