
حديث الساعة إلهام سالم منصور تكتب: الذين أرادوا إسكات الأعيسر… أين ناطقكم الآن؟

تعالت الأصوات في وقتٍ سابق تنادي بفصل منصب الناطق الرسمي من وزارة الإعلام، وكأنّ القضية كانت مجرد رغبة شخصية أو تصفية حسابات لا أكثر. حدث ما تمنّوه، وتمّ تحييد الأستاذ خالد الأعيسر عن المشهد الإعلامي، وهو الذي كان يحمل همّ الوطن بصوتٍ قويّ، ويدافع عن الحقيقة بلا تردّد، ويضع النقاط فوق الحروف عندما كانت بعض الجهات تفضّل الغموض والمجاملة.
لكن السؤال اليوم: أين ناطقكم الآن؟
من يعبّر عن السودان في هذه اللحظة الحسّاسة التي تشتعل فيها نيران الحرب، وتتفاقم فيها الجرائم والانتهاكات التي تمارسها قوات الدعم السريع بحق المواطنين؟ من يتحدّث باسم الشعب، ومن يرفع صوته دفاعًا عن الكلمة والحق والوطن؟
منذ أن تنحّى الأستاذ خالد الأعيسر عن منصبه، ساد الصمت أرجاء البلاد.
صمت الإعلام، وصمت الناطقون، وصمتت معهم بيانات الشجب والإدانة. كأنّ الحقيقة قد أُغلقت عليها الأبواب، وكأنّ الصوت الوطني خفت تمامًا حين غاب من كان يجاهر به.
لقد كان خالد الأعيسر لا يخشى المواجهة، وكان صوته مزعجًا لكلّ من أراد تكميم الحقيقة أو تزويرها. واليوم، مع غيابه، نرى كيف غاب صوت السودان في المحافل الدولية، وكيف أصبحت البلاد بلا منبرٍ يوضح للعالم ما يجري على أرضها من جرائم وانتهاكات إنسانية مروعة.
أين منظمات المجتمع الدولي؟ أين بيانات الإدانة؟ أين صوت السودان في القنوات والمنابر العالمية؟
لقد أصبحنا نعيش في فراغٍ إعلامي قاتل، صمتٌ لا يليق بدولة تواجه حربًا شرسة وعدوًا يفتك بالمدنيين، ويشرد الملايين، ويدمر البنية التحتية بلا رحمة.
هل ظلّ السودان وحده في مواجهة العدوان؟
ما تزال مسيرات قوات الدعم السريع تهاجم مناطق في السودان من جديد، وتستعمل العنف كسلاح لإرهاب المدنيين وتفتيت النسيج الوطني. أين من يخاطب مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي؟ هل بات السودان ابنًا غير شرعيّ في نظر المجتمع الدولي، فلا يحتاجه ولا يحميه؟ إذا لم يجد الوطن ناطقًا مثل الأعيسر الذي يتحدث عن السودان بكل اللغات، فمن يدافع عنه الآن؟
إن لم يقف المجتمع الدولي مع السودان فلابد أن لا يُتخذَ على بلادنا أي قرارٍ ظالم؛ فالسودان دولة غنية بالموارد والكفاءات، ولن يكون تابعة أو تابعة لغيرها. يا سيادة الفريق أول عبد الفتاح البرهان، ويا سعادة الفريق كامل إدريس، السودان لم ولن يكون محتاجًا لمن يأمره كيف يعيش أو إلى من يقرّر مصيره. المطلوب هو وحدة وطنية حقيقية، وقف العدوان، وإيقاف مسلسل التدمير الذي يهدد حياة الملايين.
إنّ الإعلام ليس ترفًا، بل هو جبهة من جبهات المعركة. وحين تُكمم الأفواه أو يُسكت صوت الحقيقة، فإنّ الوطن يخسر سلاحه الأقوى — الكلمة الصادقة. وما لم تُدرك حكومة أمل السودان هذه الحقيقة، فسيبقى العدو يملأ الساحة بالأكاذيب، وسيبقى صوت الباطل أعلى من صوت الحق.
فلتُرفع الأصوات مجددًا… ليعد صوت السودان عاليًا كما كان يريده الأعيسر، وكما يستحقّه هذا الشعب العظيم.
مشاركة الخبر علي :