
د.سعاد فقيري تكتب: السودان لا يُبنى إلا بأبنائه… الرباعية لن تصنع سلاماً مستوردا
منذ اندلاع الأزمة السودانية الأخيرة، تكاثرت المبادرات الإقليمية والدولية بحثاً عن حلٍّ يعيد التوازن إلى بلدٍ أنهكته الحروب والانقسامات. ومن بين أبرز هذه المبادرات ما يُعرف بـ"الرباعية" — التي تضم الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات — والتي دخلت على خط الأزمة بمزيج من الضغط الدبلوماسي والدعم الإنساني ومحاولات الوساطة.
لكن السؤال الجوهري يبقى: هل يمكن للرباعية أن تحل أزمة السودان؟
الجواب ببساطة: لا.
فالرباعية، بكل ثقلها السياسي، لم تستطع أن تحل حتى أزمة سد النهضة رغم وضوح أطرافها وحدودها، فكيف لها أن تُنهي مأساة معقّدة مثل الأزمة السودانية التي تتشابك فيها العوامل الداخلية والخارجية، ويتداخل فيها التاريخ بالسياسة، والعسكر بالمدنيين، والطموحات الشخصية بالمصالح الإقليمية؟
الحقيقة أن مشكلة السودان ليست في غياب الوسطاء، بل في غياب الثقة الوطنية الجامعة. فكل مبادرة خارجية مهما كانت نواياها، تظل رهينة لمعادلات النفوذ والمصالح، بينما يبقى جوهر الحل الحقيقي في الإرادة الوطنية التي تجمع أبناء الوطن على رؤية مشتركة للسودان الجديد — السودان الذي يتجاوز مرارات الماضي ويؤسس لدولة العدالة والمواطنة.
لقد أثبتت التجارب أن السلام المستورد لا يعيش طويلاً، وأن الاتفاقات التي تُصاغ في عواصم بعيدة لا تصمد أمام أول اختبار على أرض الواقع، ما لم تجد جذورها في تربة الوطن وقلوب أبنائه.
ولذلك فإن السودان يحتاج اليوم إلى حوار سوداني – سوداني شامل، يشارك فيه الجميع بلا إقصاء، ويستمع لصوت الشارع، ويمنح الأولوية لمستقبل البلاد لا لمقاعد السلطة.
السودان لا يحتاج إلى وسطاء جدد بقدر ما يحتاج إلى عقول جديدة تؤمن بأن الوطن أكبر من الأحزاب، وأن الدم السوداني أقدس من كل طموح شخصي.
فالرباعية قد تُسهِّل الطريق، لكنها لن تمشيه نيابة عنّا.
إنها مسؤولية السودانيين وحدهم… أن يكتبوا بأنفسهم نهاية هذه الحرب وبداية عهد السلام الحقيقي.
خاتمة :
رسالة إلى الشباب السوداني:
يا شباب السودان… أنتم جيل التحوّل لا جيل الهزيمة، أنتم من وُلد بين الركام ليزرع الأمل من جديد.
لا تنتظروا أن يأتي الحل من الخارج، فالوطن لا يُبنى بالبيانات ولا بالمؤتمرات، بل بسواعد تؤمن أن الغد يمكن أن يكون أفضل.
كونوا أنتم "الرباعية الحقيقية" التي تجمع بين العقل والإرادة، الإخلاص والعمل، الحلم والإصرار.
ابنوا سودانكم بالحوار لا بالسلاح، بالعلم لا بالولاء، وبالعدل لا بالانتقام.
فما ضاع وطن عرف أبناؤه قيمته… وما انهزم شعب آمن أن مستقبله يصنعه بنفسه.
مشاركة الخبر علي :