
حديث الساعة إلهام سالم منصور تكتب: لا أحد يستطيع معاداة المؤسسة العسكرية
ما هي المؤسسة العسكرية في الدولة؟ وماذا تمثل؟
هل هي مجرد قوة تحمل السلاح، أم هي كيان وطني متجذر في الأرض والتاريخ، يمثل الضمير الحي للأمة وحامي سيادتها وكرامتها؟
المؤسسة العسكرية ليست مجرد أرتالٍ من الجنود أو رتبٍ من الضباط، بل هي روح الوطن في أسمى صورها. هي التي وُلدت من رحم الشعب، وتربت على ترابه، وتشربت قيم العزة والإباء والوفاء للوطن.
هي التي تحرس الحدود حين ينام الجميع، وتدافع عن الأرض حين تتفرق الأحزاب، وتقف شامخة في وجه كل من يحاول المساس بسيادة السودان أو وحدة أراضيه.
ومن لا يعرف تاريخ الجيش السوداني، لا يعرف تاريخ السودان نفسه.
فمنذ تأسيسه في مطلع القرن العشرين، كان الجيش رمزًا للاستقلال، وذراعًا للوطنية، ومدرسةً للقيم والانضباط. ومن صفوفه خرجت قيادات عظيمة ساهمت في بناء الدولة الحديثة بعد الاستقلال عام ١٩٥٦، ووقفت دائمًا إلى جانب الشعب، حين حاولت التيارات السياسية أو الأطماع الخارجية العبث بمصير البلاد.
لقد خاض الجيش السوداني معارك الشرف والسيادة، من الكرمك إلى دارفور، ومن هجليج إلى جبل مرة، وسطر أروع الملاحم في مواجهة التمرد والتآمر، ودفع بدماء أبنائه ثمن الأمن والسلام.
رجاله كانوا في الخطوط الأمامية في كل معركة، يذودون عن الأرض والعِرض، لا يسألون عن حزبٍ أو جهة، لأن انتماءهم الوحيد هو للسودان.
واليوم، عندما نقول إن لا أحد يستطيع معاداة المؤسسة العسكرية، فذلك لأن من يعاديها إنما يعادي الدولة نفسها، ويعلن حربًا على كيانها ووجودها.
الجيش ليس مجرد مرفق من مرافق الدولة، بل هو عمودها الفقري، وسورها الحصين. وعندما يسقط العمود، ينهار السقف فوق الجميع.
لقد أخطأت بعض الكيانات الحزبية والسياسية عندما اعتقدت أن بإمكانها أن تضعف الجيش أو تنافسه أو تقف ضده. وظن البعض أن مليشيا خارجة عن القانون، كـ"الدعم السريع"، يمكن أن تكون نِدًّا للمؤسسة العسكرية.
لكنهم جهلوا التاريخ، وغابت عنهم الحقيقة.
لم يدركوا أن المؤسسة العسكرية ليست كيانًا هشًا أو مؤقتًا، بل هي إرث وطني متين، يقوده رجالٌ تشربوا العقيدة العسكرية والولاء للوطن، لا يخونون العهد، ولا يبيعون الدماء بثمنٍ سياسي.
ومنذ اندلاع الحرب الغاشمة التي شنّها آل دقلو ومليشياهم ضد الدولة في الخامس عشر من أبريل، وقف الجيش السوداني بقيادة القائد العام الفريق أول عبد الفتاح البرهان كالطود الشامخ في وجه المؤامرة.
لم يتراجع، لم يساوم، لم يرضخ للابتزاز.
واجه المليشيا التي احترفت الخيانة والقتل والنهب، بصبرٍ وعزيمةٍ وقوةٍ لم يعرفها التاريخ الحديث من قبل.
لقد حاولت المليشيا أن تضرب الجيش في قلب عاصمته، لكنها فشلت، لأن من يقود الجيش رجل يعرف معنى الشرف العسكري والوفاء للوطن.
الفريق البرهان لم يقاتل من أجل سلطة، بل من أجل بقاء السودان موحدًا، حرًا، مستقلًا.
قاد المعركة بعقل القائد وإيمان المجاهد، بين الحصار والمؤامرات، ظل ثابتًا على المبدأ، رافضًا لكل الضغوط التي أرادت أن تفرض على السودان واقعًا مريضًا يُضعف جيشه ويمزق ترابه.
إن صمود القوات المسلحة السودانية تحت قيادته هو صمود الأمة نفسها، هو الدليل أن السودان ما زال حيًّا رغم النزيف.
لقد واجهت المؤامرة الإقليمية والدولية، وصمدت أمام آلة إعلامية ضخمة أرادت تشويهها، لكنها خرجت أكثر قوةً وصلابة، لأن الشعب السوداني كله أيقن أن الجيش هو السودان، والسودان هو الجيش.
واليوم، بينما تتساقط الأقنعة وتنكشف الحقائق، يظهر الجيش كرمزٍ للثبات والبطولة.
من قادوا الحرب ضد الوطن يفرّون، ومن راهنوا على سقوط الجيش خاب ظنهم.
أما الجيش، فبقي مرفوع الرأس، يقاتل في الميدان ويحمي مؤسسات الدولة في الوقت ذاته، مؤكدًا أن السودان لا يُهزم ما دام جيشه حيًّا.
إن مستقبل السودان بعد الحرب، سيُبنى على أكتاف هؤلاء الأبطال الذين صمدوا في الميدان، وعلى قيادةٍ وطنيةٍ حكيمةٍ وضعت مصلحة السودان فوق كل اعتبار.
فالجيش سيكون هو الركيزة الأولى في إعادة الإعمار، وإعادة الأمن، وبناء الدولة الجديدة التي تقوم على السيادة والكرامة والعدالة.
ولن يستطيع أحد أن يتحدث عن السودان الجديد دون أن يذكر بطولات رجاله في هذه الحرب، ولا أن يكتب تاريخ الغد دون أن يبدأه بعنوان:
"الجيش صمد... فبقي السودان."
المجد والخلود لشهداء القوات المسلحة، والتحية لقائدها الفريق أول عبد الفتاح البرهان، والتحية لكل جندي يرابط في الخندق من أجل أن تشرق شمس السودان من جديد.
ستظل المؤسسة العسكرية الحارس الأمين للوطن، ما بقي في هذه الأرض قلبٌ ينبض باسم السودان.
كلمة إلى الشعب السوداني
يا شعب السودان العظيم،
لقد أثبتت الأيام أن جيشكم ليس مؤسسة بعيدة عنكم، بل هو أنتم في صورتكم الأصدق، أبناء القرى والبوادي والمدن الذين حملوا السلاح دفاعًا عنكم.
فلتكن هذه الحرب درسًا في الوعي والوحدة، ولنتجاوز الخلافات الصغيرة أمام وطنٍ ينزف.
اليوم، مطلوب من كل سوداني أن يكون جنديًّا بالكلمة والموقف، وأن يضع يده في يد جيشه حتى تعود البلاد آمنة مستقرة.
السودان ينادي أبناءه، فكونوا على قدر النداء، واحموا وطنكم من أعدائه، فليس بعد السودان وطن.
مشاركة الخبر علي :