د. حيدر البدري...يكتب..في نقطة سطر جديد.. دعاة "لا"للحرب .. في زمن الحرب!
في وسط العاصفة و حينما تزمجر المدافع ويسيل الدم الطاهر، وتُدفن الأحلام تحت ركام البيوت، تطلّ علينا أصواتٌ ناعمة من شقوق الشاشات المضيئة، ترفع شعاراتٍ برّاقةً تزعم "رفض الحرب". يكتبونها في مجموعات الواتس آب، وينثرونها على منصات التواصل، كمن يلقي بالورود على جثث الموتى. وشعارهم : الانسانية و...و.
تلك "المتردّية" الفكرية، و"النطيحة" المنطقية، التي لا تكاد تبين، ترمي بتهمها الساذجة من خلف شاشاتها الآمنة في الهواتف : "أنتم تُكسبون من الحرب"، "أنتم في مأمن تدفعون الآخرين إلى الجحيم". فتتعجّب من سذاجة هذا الطرح، وغباء هذه الفكرة، التي تختزل مأساة أمة في جدالٍ افتراضي ممسوخ.
نحن لسنا في نزهة اخترناها، ولا في معركةٍ طلبناها. لقد فُرضت علينا حرب وجودٍ، دخل فيها هؤلاء الأوباش بيوتنا فشردوا أهلنا، وقتلوا أبناءنا، وانتهكوا أعراضنا، وجاءوا بكل قبيح. أتُرانا بعد هذا نُحاسب لأننا رفعنا السلاح للدفاع عن حرماتنا؟ أم لأننا أمسكنا بالقلم لنفضح جرائمهم؟ إن حمل البندقية والقلم معاً، في هذا الزمن الرديء، لم يعد خياراً، بل هو ضرورة أخلاقية ودينية، حماية للعرض والوطن والدين.
ويأتيك أحدهم، ممن لا يقرأون التاريخ ولا الجغرافيا، ولا يفقهون معنى الغزو والاستباحة، رافعاً صوته وهو لا يكاد يبين: "أنا أريد السلام!".
ومن منا لا يريد السلام؟!
هل ظنّ أحدٌ أن قلوبنا لا تتوق إلى السكينة؟ لكن ماذا تفعل في حربٍ مفروضةٍ عليك، من قاتلٍ لا يرحم، يريد إزالتك من الوجود، وطمس هويتك، واستباحة أرضك؟ هل تقدم له الورود أم تردّ كيده في نحره؟
ستنتهي هذه الحرب، لا محالة، وسيعود السلام إلى ربوع وطننا، ولكن عنوةً واقتداراً، بعد إزالة هذا التهديد الوجودي للامة السودانية، الذي يمثله هؤلاء القتلة المجرمون وجناحهم السياسي الماكر.
فمنافقٌ من يقول إن التعايش مع هذه المليشيا المجرمة ممكناً، وكذابٌ من يزعم أن عودة هؤلاء القتلة وأعوانهم إلى الحياة السودانية ممكنة. لقد رسمت أيديهم بدماء الأبرياء خطاً أحمرَ لن نتجاوزه أبداً.
نحن لسنا دعاة حرب..
نحن دعاة سلام.. سلام لا يستند إلى استسلام.
سلام يُبنى على أنقاض الطغاة، سلام يُولد من رحم المقاومة، سلام يكون فيه للسودان أرضاً واحدةً، وشعباً واحداً، وكياناً واحداً.. مناعاً للدخلاء، عصياً على الأعداء.
فإما أن نكون أحراراً كراماً.. أو لا نكون.
.. .
نقطة سطر جديد.
مشاركة الخبر علي :
