السعودية.... موقف يسجله التاريخ بقلم / محمد التجاني عمر قش
العلاقات بين السودان والسعودية ضاربة في القدم، ولا يسعها مقال محدود المساحة، فهي علاقات متجذرة تشمل الدين واللغة والتاريخ والجغرافيا والسياسة والاقتصاد والاجتماع والدبلوماسية والمصالح والماضي والمستقبل المشترك. وكما هو معلوم فإن البحر الأحمر لم يكن حاجزا بين الجزيرة العربية والبر الإفريقي، بل كان ولا يزال معبراً للناس والأفكار والأدب والشعر والسلع ولكل ما يدعم الوشائج بين شعوب الدول المطلة على ساحليه من الشرق والغرب. ولهذا فإن السوداني لا يشعر بالغربة وهو بين ظهراني إخوته في مملكة الخير، ولعل هذا ما يفسر لجوء كثير من الأسر السودانية إلى الشقيقة المملكة العربية السعودية بعد اندلاع الحرب، وظلوا محل تحريب وتقدير من الجهات المسؤولة والشعبية في المملكة.
ومن جانب آخر ظلت المملكة داعمة للسودان بسخاء في كثير من الظروف الصعبة التي مرت بها البلاد مثل الفيضانات وغيرها من الكوارث الطبيعية فقدمت الحكومة السعودية كثيرا من العون الإنساني بلا منٍ ولا أذى، وبغض النظر عن طبيعة الحكم القائم؛ وذلك لعمري ما يحمد للقيادة الرشيدة في مملكة الإنسانية؛ لأن القصد هو دعم الشعوب المحتاجة انطلاقا من المبادئ التي قامت عليها المملكة وهي الإخاء وإغاثة الملهوف ونجدة الضعيف وفقا لتعاليم الشريعة السمحاء والنخوة العربية الخالصة.
وعندما اندلعت الحرب التي تدور رحاها في السودان الآن، سعت حكومة المملكة وشركاؤها لاحتواء الصراع عبر مفاوضات جدة ومخرجاتها التي يعلمها الجميع، ولولا تعنت المليشيا وداعميها لانتهت الحرب منذ وقت مبكر، ولما تعرض الشعب السوداني لكل ما يلاقى من فظائع تشيب لها الولدان! ومع ذلك لم تتوقف مساعي المملكة العربية السعودية لوضع حدا لمعاناة الناس في السودان، وتتوجت تلك الجهود بما قام به صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، ولي العهد ورئيس مجلس الوزراء فقد حمل ملف الحرب في السودان إلى البيت الأبيض في واشنطن وطلب من الرئيس الأميركي دونالد ترمب اتخاذ ما يراه مناسب من إجراءات لوقف العمليات العسكرية سريعاً. وهذا موقف يحمد لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، وقد شكره مجلس السيادة في السودان ببيان منشور، وهذا شكر مستحق من الجهات الرسمية والشعبية في السودان، لأن ما فعله ولي العهد السعودي يجسد اهتمام المملكة كدولة مركزية بما يدور في محيطها الإقليمي والعربي.
ومما تجدر الإشارة إليه أن صاحب السمو الملكي قد ذكر أن استمرار الحرب في السودان يعد مهددا للسلم والأمن الإقليمي والدولي على حد سواء؛ ذلك لأن هذه ليست مجرد حرب، بل مخطط يهدف بالدرجة الأولى إلى تغيير ديموغرافي بإخراج السودانيين من أرضهم وديارهم واستبدالهم بعرب الشتات، ويهدف أيضا إلى السيطرة على موارد السودان المتنوعة ومنها سواحل البحر الأحمر وموانيه، ولو حدث هذا لتعرضت المنطقة لخطر داهم يهدد أمنها واستقرارها.
ونحن إذ نشكر سمو الأمير، ننوه إلى أن المطلوب هو تجفيف مصادر تمويل المليشيا وتسليحها وإمدادها بالمرتزقة والعتاد الحربي وسيستطيع الجيش السوداني الباسل حسم المعارك خلال أسبوع واحد فقط.
مشاركة الخبر علي :
