محلية غرب بارا.... الفساد في زمن الحرب! بقلم / محمد التجاني عمر قش
محلية غرب بارا، هي إحدى محليات ولاية شمال كردفان، وحاضرتها مدينة أم كريدم، وقد أنشئت هذه المحلية بحجة تقصير الظل الإداري، وهي تضم محليات المزروب وحاج اللين وطيبة وأم سعدون ودميرة. هذه المحلية تأثرت بالحرب في أكثر من موقع وخاصة مدينة أم كريدم نفسها، وهنالك وجود للمليشيا في إدارية المزروب، وهذه الظروف عقدت حياة الناس في المحلية بشكل كبير، إذ يصعب التنقل والحركة من وإلى حاضرة الولاية أو حتى إلى الأبيض.
ومن جانب آخر، هنالك مدارس في كل القرى الكبيرة في هذه المحلية، وتشمل المراحل من الأساس والمتوسط حتى الثانوي، للبنين والبنات وهذا يعني وجود أعداد مقدرة من المعلمين والمعلمات. هؤلاء المعلمون كانوا يتقاضون رواتبهم الشهرية بشكل منتظم، ولكن أحد المديرين التنفيذين أصدر قرارا محليا يقضي بأن يستلم كل معلم أو معلمة راتبه شخصيا، بمعنى أن يدفع أكثر من مائة ألف جنيه مقابل المواصلات ليتلقى راتبه الضئيل أصلا، وهذا قرار عاجز ومعطل لمصالح الناس فأين تقصير الظل الإداري يا ترى؟ وهل يعقل في هذا الزمن أن تصرف الرواتب كفاحا، لماذا لا تودع في الحسابات المصرفية، تفاديا لأية شبهة فساد أو تأخير للمستحقات مثلما يحدث في جميع الدول؟
ومع اندلاع الحرب انتقل المدير التنفيذي للمحلية وموظفوه إلى الأبيض، ومن هنا بدأت خيوط المشكلة إذ تغول أحد المديرين التنفيذيين على رواتب المعلمين واستولى عليها بحجة أنها تمثل استحقاقاته واختفى عن الأنظار بدون محاسبة أو مساءلة من أية جهة إدارية أو قانونية، وبذلك فتح شهية المحاسبين التابعين للمحلية حتى ولغوا في الحرام، وعلى ما يبدو أنهم قد شكلوا مجموعة متجانسة تجيد اللعب على المكشوف وتمارس الفساد المالي في زمن الحرب حتى بلغ إجمالي ما استولوا عليه من حقوق المعلمين ما يقارب ثلاثين ملياراً، ورئاسة الولاية وإدارتها المالية آخر من يعلم بهذه الممارسات الفاضحة!
ولم يتوقف الأمر عند مرتبات الإخوة المعلمين المغلوبين على أمرهم، في هذه الظروف القاهرة التي ضغطت على معيشة الناس، بل إن المنحة التي خصصتها الدولة للمعلمين على مستوى الجمهورية قد ابتلعها هؤلاء التماسيح الذين امتلأت جيوبهم وكبرت بطونهم بما لقفوا من أموال الحرام التي استولوا عليها بدون وجه حق من رواتب المعلمين ومخصصاتهم المستحقة نظاماً! وقد جأر المعلمون بالشكوى حتى لرمال كردفان بدون أن يجدوا أذنا صاغية أو جهة إدارية تأخذ لهم بحقهم وفقا للنظام. ومن المؤسف حقا أن يكون وزير التربية في شمال كردفان هو آخر من يعلم عن الظلم الذي لحق بمنسوبي وزارته!
السيد المدير التنفيذي الحالي لمحلية غرب بارا، اصطدم بعقبة موظفي ومحاسبي المحلية الذين شكلوا مجموعة تعرف من أين وكيف تأكل المرتبات وقد عطلوا كل مساعي الرجل لإيجاد مخرج أو وسيلة تبرئ ذمته من حقوق المعلمين وهم الآن يرفعون أكفهم لذي العزة والقدرة بأن يقتص لهم ممن ظلموهم وتعدوا على مرتباتهم. ومهما كان عجز المدير التنفيذي و عدم قدرته على حل المشكلة إلا أن ذلك لا يعفيه عن المسؤولية، إذا كان ينبغي عليه أن يرفع الأمر إلى رؤسائه وذوي الاختصاص، فكلكم راعي وكلكم مسؤول عن رعيته فلو أن ناقة عثرت في قيزان محليته لكان مسؤولاً عنها لما لم يسوي لها الطريق؟
أما والينا الهمام فيبدو أنه غير مشغول بشؤون الرعية، بمن فيها المعلمون، مع العلم أنه ضابط إداري يعلم كل شاردة وواردة عن الأمور الإدارية والإجراءات المالية البسيطة التي تتعلق بالبند الأول من الميزانية، وحسب علمي قد وصلت هذه المسألة الملحة إلى مكتبه، ولكنه حتى كتابة هذه السطور لم يحرك ساكنا من أجل الحل، وظلت مشكلة رواتب المعلمين تراوح مكانها بين محلية غرب بارا وإحدى لجان الولاية ووزير التعليم، وهل علم هؤلاء بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب؟
مشاركة الخبر علي :
