حديث الساعة إلهام سالم منصور تكتب: ما بين ولي العهد محمد بن سلمان والبرهان… هل يقترب إنهاء حرب السودان؟
في خضمّ تعقيدات المشهد السوداني، يبرز اسم المملكة العربية السعودية، وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان، كأحد أهم الفاعلين الإقليميين القادرين على التأثير في مسار الحرب، ليس من باب الوصاية، بل من زاوية المصالح الاستراتيجية والاستقرار الإقليمي. وفي المقابل يقف الفريق أول عبد الفتاح البرهان ممثلاً لشرعية الدولة السودانية، حاملاً عبء معركة وجود لا معركة سلطة.
أولاً: السعودية… ثقل إقليمي وحسابات استقرار
تنظر الرياض إلى السودان باعتباره عمقاً استراتيجياً للأمن العربي والأمن البحري في البحر الأحمر. ومن هذا المنطلق، فإن استمرار الحرب يشكّل تهديداً مباشراً:
لأمن الملاحة الدولية.
للاستقرار الإقليمي في القرن الإفريقي.
ولمعادلات الأمن الغذائي والاستثماري التي تراهن عليها المملكة.
ولي العهد محمد بن سلمان يتعامل مع الملف السوداني بعقل الدولة لا بعاطفة اللحظة، واضعاً في حساباته أن إنهاء الحرب هو المدخل الوحيد لإعادة السودان إلى دوره الطبيعي كشريك إقليمي لا كساحة صراع مفتوحة.
ثانياً: البرهان… معركة الدولة قبل التفاوض
بالنسبة للفريق البرهان، فإن أي حديث عن إنهاء الحرب لا ينفصل عن شرط أساسي: استعادة هيبة الدولة واحتكار السلاح. البرهان لا ينظر للمسألة كصفقة سياسية، بل كمعركة سيادة، حيث لا يمكن بناء سلام دائم في وجود مليشيا متمرّدة خارج إطار الدولة.
من هنا، تتقاطع رؤية البرهان مع المقاربة السعودية في نقطة محورية:
لا سلام بلا دولة، ولا استقرار بلا جيش وطني موحّد.
ثالثاً: جدة… منصة الممكن
منبر جدة، الذي رعته السعودية، لم يكن مجرد وساطة، بل محاولة جادة لإخراج السودان من فخ التدويل والفوضى. ورغم تعثّر الجولات السابقة، إلا أن جدة ما زالت تمثّل:
منصة تفاوض مقبولة إقليمياً.
مظلة عربية تقلّل من اختطاف الملف السوداني.
فرصة لإعادة ضبط مسار الحل بعيداً عن الابتزاز الدولي.
رابعاً: ما الذي يمكن أن يقدّمه محمد بن سلمان؟
ولي العهد يمتلك أدوات ضغط وتأثير حقيقية:
نفوذ سياسي إقليمي ودولي.
علاقات متوازنة مع القوى الكبرى.
قدرة على ربط السلام بإعادة الإعمار والاستثمار.
وهنا تكمن الورقة الأقوى: السلام مقابل الدولة والتنمية، لا السلام مقابل تقاسم الفوضى.
خامساً: التحديات والأيادي المعطِّلة
رغم هذا التقاطع، تبقى أيادٍ خفية لا ترغب في إنهاء الحرب، لأنها تستفيد من استمرار النزيف. هذه الأطراف ستسعى لتعطيل أي تقارب سوداني–سعودي حقيقي، عبر:
تشويه المبادرات.
تضليل الرأي العام.
دفع وكلائها في الداخل لإفشال أي مسار جاد.
ما بين ولي العهد محمد بن سلمان والبرهان، تقف فرصة حقيقية لإنهاء حرب السودان، إذا ما توفّرت الإرادة السياسية الصلبة، وتحرّر القرار الوطني من ضغوط الوكلاء.
فالسلام الذي يُبنى على الدولة لا على المليشيا، وعلى الشراكة لا الوصاية، هو وحده القادر على إخراج السودان من ليل الحرب الطويل.
مشاركة الخبر علي :
