عبد اللطيف السيدح يكتب: استقالة تهزّ أركان الدولة ومعركة الحج على صفيح ساخن
الاستقالة المدوية التي فاجأ بها الأمين العام للمجلس الأعلى للحج والعمرة الأستاذ عبد الله سعيد محمد علي لم تكن حدثاً عابراً، ولا خطوة بروتوكولية يمكن تجاوزها بالبيانات الباردة، لقد وقعت كالصاعقة، بل كالراجمة، على رؤوس قادة الدولة، وفتحت باباً واسعاً لأسئلة محرجة لا تحتمل التأجيل ولا المواربة.
ما حدث أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف الذي نجح بجدارة في تطفيش الأمين العام أدخل الدولة بأكملها، وبصورة مباشرة، في مأزق سياسي وإداري وأخلاقي حقيقي، مأزق يضع نائب رئيس مجلس السيادة ورئيس مجلس الوزراء أمام اختبار قاسٍ، هل يتركان المشهد فوضى، ويُفتح الباب على مصراعيه لعبث المصالح؟ أم يتدخلان لوضع حد لهذا الانحدار الخطير؟ والسؤال الأشد إلحاحاً الآن هل يُعقل أن يُترك الوزير وبرفقته شقيقه المتواجد حالياً في مكة المكرمة ليتفاوضا منفردين دون أي مؤسسية مع الجهات المعنية بحزم الحج، وشقيق الوزير لايحمل أي مسمى وظيفي في الدولة ولاعلاقة له بالمجلس الأعلى للحج والعمرة، ولا غطاء قانوني، ولا تفويض رسمي؟ أم أن الدولة ستفيق قبل فوات الأوان؟ ثم ماذا عن نائب رئيس مجلس السيادة السيد مالك عقار؟ والجميع يعلم أن هذه الوظيفة من نصيب إقليم النيل الأزرق، وأن تجاوز هذا الاستحقاق ليس خطأً إدارياً فحسب، بل طعنة سياسية مباشرة في خاصرة التوازن الوطني، فهل ستكون له كلمة الفصل؟ أم يُراد للملف أن يدار بمنطق الأمر الواقع وفرض النفوذ؟ نحن الآن أمام ساعات حاسمة، ومعركة حامية الوطيس لا تقبل أنصاف الحلول.
إما إقالة الوزير ووضع حدّ لتغوّله وتدخله في ما لا يعنيه، أو أن يرعوي ويعتذر علناً، ويعود إلى موقعه الطبيعي، مشرفاً على أعمال الحج، لا دلالاً، ولا سمساراً، ولا مندوب مبيعات، ولا شريطياً يتنقّل بين الشركات والمؤسسات.
إنه عار سياسي وأخلاقي أن تتقاصر همة وزير، من مقام معالي،إلى مستوى مندوب تسويق، يتعامل مع شعيرة من أعظم شعائر الإسلام وكأنها صفقة تجارية.
ملف الحج ليس ساحة للنفوذ، ولا مزرعة للمصالح، ولا غنيمة لمن يملك مفاتيح العرقلة.
إنه أمانة دولة، وحق شعب، وشعيرة مقدسة.
والساعات التالية وحدها ستكشف، هل تنتصر هيبة الدولة؟ أم ينتصر الوزير وشقيقه ويصبح الحج رهينة للعبث؟
مشاركة الخبر علي :
