معلوم أن إثيوبيا حسب موقعها الجغرافي أنها تفتقر إلى الشُطْآن والموانئ وليست لها أية إطلاله بحريه وكانت فى السابق تستفيد من منفذ على ميناء (عصب) الإريتري لكنها خسرته خلال النزاع بين البلدين بين عامي 1998 و 2000 وتعتمد إثيوبيا الآن على ميناء دولة جيبوتي في حوالى 95 % من صادراتها ووارداتها البحرية ولذلك ظلت وعلى الدوام تعمل على توفير منفذ بحري يحقق لها طموحاتها الإقتصادية عبر الدول المطلة على البحر الأحمر في القرن الأفريقي.
وتعزيزاً لذلك فقد ذكر الرئيس الإثيوبي (آبي أحمد) فى تصريح مُقتضب أثار مخاوف في المنطقة قبل أشهر إن بلاده في حاجة إلى تعزيز حقها في الوصول إلى البحر وأكد أن وجود الأمه الإثيوبيه (130 مليون نسمه) كان فى السابق مرتبطاً بالبحر الأحمر وأن بلاده الآن في حاجة إلى ميناء، وأوعز أن (السلام) في المنطقة يقوم على تقاسم متبادل ومتوازن للحقوق ومن بينها حق الإطلاله البحريه لإثيوبيا عبر جيرانها المطلِّين على البحر الأحمر وتحديداً جيبوتي ، إريتريا ، السودان والصومال.
سعت إثيوبيا سعباًحثيثاً خلال الأعوام السابقة لإنجاز إتفاقات إطلاله بحريه مع دولة إريتريا عبر ميناء (عصب) ومع دولة السودان عبر ميناء (بورتسودان) ومع دولة كينيا عبر ميناء (لامو) ولكنها فشلت فى ذلك بسبب عدم إستقرار الأوضاع بالمنطقه والقرن الإفريقي عموماً وظلت إثيوبيا على هذا الحال بحثاً عن إطلاله بحريه حتى وقَّعت مذكرة تفاهم مع سلطات جمهورية (أرض الصومال) حول حصة غير محددة فى ميناء (بربرة) وأدى ذلك إلى نشوب أزمه بينها وبين جمهورية الصومال الفدراليه.
والجدير بالذكر أن (جمهورية أرض الصومال) هى جمهوريه معلنة من جانب واحد ولم تحصل على إعتراف دولي واسع النطاق رغم إعلانها الحكم الذاتي والإنفصال عن الصومال الدوله الأم منذ عام 1991 وكانت إثيوبيا من أوائل الدول التي تعاملت بما يشبه الإعتراف بجمهورية أرض الصومال في عهد الرئيس (ملس زيناوي) وقد حصلت جمهورية أرض الصومال على إعترافات ضمنية من بعض الدول الأخرى من خلال السماح بإقامة ممثليات وعلاقات دبلوماسية أو معاملات تجارية كما وأن وفد من الإتحاد الأوروبي قد راقب الإنتخابات التي جرت في أرض الصومال وكذلك تعاملت السلطات الكينيه مع سلطات أرض الصومال بتبادل الزيارات وبالرغم من ذلك مازالت جمهوريه الصومال الفدراليه لا تعترف بذلك وتعتبر أن أرض الصومال جزء من أراضيها.
والجدير بالذكر أيضاً أن الإتفاقيه التى أبرمتها إثيوبيا الآن هى إمتداد لإتفاقية سابقة أُبرمت في مارس (آذار) 2018 تمتلك بموجبها (موانئ دبي العالمية) 51% من المشروع وموانئ (أرض الصومال) 30% بينما تمتلك إثيوبيا 19% مقابل أن تستثمر إثيوبيا في البنية التحتية لتطوير ممر ميناء (بربرة) كبوابة تجارية لها ولكن تعثرت هذه الاتفاقيه نسبة لرفض جمهورية الصومال الفدراليه الدوله الأم فعادت إثيوبيا عبر هذا الإتفاق الجديد بهدف تحقيق مصالح الطرفين كما تزعم ، وبموجب هذا الاتفاق سوف تُمنح إثيوبيا منفذاً على البحر الأحمر على طول (20) كلم في ميناء (بربرة) ولمدة (50) عاماً في مقابل أن تعترف إثيوبيا رسمياً بجمهورية أرض الصومال كدوله حسبما أعلن (موسى بيهي عبدي) زعيم أرض الصومال ويتيح إستخدام ميناء (بربرة) على البحر الأحمر نقل ما مقداره 40% على الأقل من التعاملات التجارية الإثيوبية عبر جيبوتي كما وأن الإتفاق يمهد الطريق لإثيوبيا للوصول إلى (قاعدة عسكرية) مستأجرة على البحر الأحمر ما يعني أن جمهورية أرض الصومال ستحصُل على الحمايه الأمنيه في مقابل بيع جزء من أراضيها إلى إثيوبيا كمنفذ على البحر الاحمر وأيضاً ستحصُل أرض الصومال على حصة في الخطوط الجوية الإثيوبية.
أدى توقيع هذه الاتفاقيه إلى خلق أزمه بين إثيوبيا والصومال حيث أعلنت الأخيره رفضها للإتفاقيةوقامت بسحب سفيرها في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا للتشاور وذكرت أن جمهورية أرض الصومال جزء من أراضيها على ضوء ذلك عقد مجلس الوزراء الصومالي إجتماعاً طارئاً الثلاثاء الماضى لبحث الخطوة التي وصفتها الحكومة الصوماليه بأنها (انتهاك إقليمي غير قانوني من قبل إثيوبيا ) وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الصومالية وقد أصدر مجلس الوزراء الصومالي بياناً عقب اجتماعه الطارئ قال فيه (إن توقيع مذكرة التفاهم لا أساس له من الصحة وهو إعتداء سافر على السيادة الداخلية لجمهورية الصومال الفيدرالية) كما أكد رئيس الوزراء الصومالي عزم الحكومة على حماية سيادة البلاد وقال (ما من أحد يمكنه أن ينتهك أي جزء من أراضي الصومال أو بحره أو جوه).
وقال الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في تدوينة على منصة (إكس) (ندين الإنتهاك غير المشروع الذي قامت به إثيوبيا لسيادتنا الوطنية وسلامتنا الإقليمية ونرفضه ولا يمكن ولن يمكن لأحد أن ينتزع شبراً من الصومال...الصومال ملك للشعب الصومالي وهذا أمر محسوم).
إزاء هذا التصعيد تدخلت الأمم المتحدة عبر بيان ودعت كل من جامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الأوروبي والهيئة الحكومية للتنمية (إيغاد) إلى إجتماع طارئ بهذا الخصوص.
ختاماً....
أعتقد أن هذه الاتفاقيه سوف لن ترى النور بحسب موقف جمهوريه الصومال الفدراليه وسيكون مصيرها كسابقتها اتفاقية (موانئ دبي العالميه) حيث ذكرت وكالة الأنباء الوطنية الصومالية (صونا) إنه بعد جهود وساطة تزعمتها جيبوتي تم الإتفاق بين جمهوريه الصومال الفدراليه وأرض الصومال على إستئناف المحادثات والتى من المؤكد أن من بينها رفض ووأد هذه الإتفاقيه الماسه بالسياده الوطنيه لدولة الصومال الفدراليه وبذلك خسرت إثيوبيا ومن خلفها الإمارات الرهان على إمكانيه الحصول على إطلاله بحريه عبر الصومال..
مشاركة الخبر علي :