علا نشيج الرجال وهم يحملون نعش عمر الكناني ريحانة شباب القضارف بما استحفظ من وداعة حملها قلبه رقة وليناً وسماحة،، أوفر الناس ابتسامة وأحلمهم عند الغضب وأسرعهم نجدة وألطفهم عشرة ومؤانسة،، هاش باش يحنو مودة ويدنو شفقة وعاطفة،،
احتشد الجميع عصر اليوم جاؤوا مدافن عثمان بضاحية ((٦ أكتوبر)) من كل فج عميق وفاءً ووداعاً للأنيس الأثير عمر وهو من ستر العيوب بلطف الله وغفر الزلات بسره العظيم،، أمان لايعقبه خوف ودفء لايتبعه برد ويقين لا يتطرق إليه شك...
رحيل عمر قطعة من جهنم أمر من المر وأقسى من أن يحتمل هنا تجلت رحمة الله التي وسعت كل شيء حين قدرت مشيئته أن يستدرج أهله وعارفي فضله وأصدقائه يوم امتُحِن بالداء العضال لتفيض الروح إلى بارئها بعد أكثر من عامين صبر خلالهما على الأذى و تحمل العلاج رافضاً الاستسلام له أو أن يظهر حتى أنة الإعياء الملازمة للمرض فكأنما أراد الله أن يهيئ الناس من ضعف لتقبل المصيبة...
آخر مكالمة هاتفية بيني وبينه مازحني فيها مزاحاً أخفى في ثناياه سخرية من العلاج بلسان حال:((إنتو تعبانين ساكت))!!!!
حتى إذا ما قدمنا لزيارته في رفقة شقيقه الأكبر الدكتور عبدالحفيظ الكناني أصر على ((تشتيت كرة)) الحديث بعيداً عن محيط آلامه الحادة وهو يلح مازحاً استدعاءًا لذاكرة الصبا ومباريات خور روينا بين شبابها وشباب المفرقعات زعماً منه أن كل نتائجها جاءت لصالحهم فوافقته متوسلًا بما جادت له اللحظات من ضحكة مميزة أخفت بداخلها طوايا الألم وأنعشت بداخلنا طول الأمل...
سارع منادياً الأسرة المباركة ليقدمني إليهم أخًا عزيزًا وصديقًا مقرباً وعزيزًا وثيق الصلة به...
هو عمر الكناني سليل العترة المباركة الطاهرة دوحة النبل والكرم قدمت للبلاد خيرة الصالحين من لدن آبائه الكرام الميامين محمد صالح الكناني وسيد أحمد الكناني و الأخوة المرحوم المهندس محمد عثمان محجوب والبروفيسور محجوب عثمان محجوب والسعيد عثمان محجوب وعبدالحفيظ الكناني وعبدالرحمن الشيخ وعبدالله الشايقي وسيد أحمد الشيخ الكناني وأسامة سيد أحمد وعبد الخالق العجمي وعبدالمنعم علي سليمان وعبدالحليم علي سليمان وأصهرهم المرحوم حسن فهمي والشيخ الأستاذ أحمد حسن كبير والمجاهد مصدق شريف: رجال نذروا حياتهم لله وللوطن عقيدة صالحة ودعوة إلى دين الله وثقافة راسخة وتقاليد هي من ضمير الشعب...
ذهب عمر بوسامته المعهودة وفؤاده العطوف و بشاشته الودود و محياه الطلق و بسمته العذبة بعد أن غالب المرض وانتصر عليه بيقين في الله أنه ما ابتلاه إلا اصطفاءً ،،وما امتحنه إلا محبة وما قبض روحه إلا اختياراً محضاً إكراماً في زمان فيه للشر صولة...
فراق عمر فراق شخص مختلف في كل شيء ،،فراق شخص تشتاق إليه في كل لمحة وساعة ودقيقة...
ثقتنا في قدرة الله أن يخلف لنا في ذريته من يواسي جراحنا و يخفف شيئًا من وقع حزننا عليه ويعوضنا بعض ما كان يؤثرنا به من مشاعر دافقات أخوة ونبلاً و لطفًا و مودة...
سيظل عمر في دواخلنا دوماً ذكرى حبيبة وأثراً باقياً وجعاً لايزول و جرحاً لا يندمل...
فنحن أصدقاؤه أحق بأن نعزي فيه...
اللهم إنا استودعناك حبيبنا عمر فأكرم وفادته... آنس اللهم وحشته وارحم غربته وتقبل حسناته وتجاوز عن سيئاته إنك قابل التوبة واسع المغفرة رحمن الدنيا والآخرة...
أخي دكتور عبدالحفيظ رحيل ثلاثة من الأشقاء جد صعب مشاعر صادمة تحتاج لإيمان واحتساب ويقين فلتصبر ولتحتسب... عبدالله ومحمد واليوم عمر...لك الله لك الله...
إنا لله وإنا إليه راجعون ...
مشاركة الخبر علي :