بقلم/ إبراهيم مليك
قال تعالى (كلُ نفسٍ ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة إلا متاعُ الغرور ) صدق الله العظيم ..
مساء أمس الجمعة أرسل الأخ حبيب ادم عمر الشهير (بخلقين )رسالة صوتية مختصرة نعى فيها الأخ محمد صالح إدريس وكان الخبرُ كالصاعقة حيث بتُ ليلتي استرجع الذكريات بينى وبين الراحل وأتذكر مواقفه التى كنتُ شاهداً عليها...
بحكم صلات القربى والعلاقة الرحمية بيننا كان يستشيرني فى كل كبيرة وصغيرة ثم يتخذ قراراته دون أن يكترث لنصيحة...
الأخ محمد صالح منحه الله قدرة فائقة على تحريك الملفات الساكنة وخلق علاقات خارج القبيلة ولديه ثقة مفرطة فى نفسه ولا يتردد أبداً فى اقتحام الصعاب ...
لم أعاصر فى حياتى شاباً يملك نشاط وحيوية وقدرة على التأثير والإقناع مثل محمد صالح ...
من الصفات التى اتصف الأخ محمد صالح أنه طيّب القلب مهما اختلفت معه لا يعرف حقداً ونشهد الله على ذلك ...
اليوم فارقنا إلى الدار الآخرة وترك فى أذهاننا أسئلة كثيرة نوجهها لصديقه ورفيق دربه أخونا كييمة وقيادات الدعم السريع الذين استنفروا لهذه الحرب من ليست لهم علاقة بالمليشيا ومنهم الأخ محمد صالح ...
إلى متى تقدمون إخوانكم قرابين لمشروع لا تعرفون كنهه ولا مآلاته؟؟!!
عندما اندلعت حرب الفتنة كان يحدثنى الأخ محمد صالح كثيراً عن مآلات الحرب وكان موقفه داعماً للجيش....
وبهذه المناسبة محمد صالح تربطه علاقة رحمية بالفريق محمد الغالي الأمين العام لمجلس السيادة فهم أبناء خالات...
انضمام الأخ محمد صالح لمليشيا الدعم السريع أمرٌ محيّر ومستغرب لدى كثير من معارفه لأنه كان ضد تصرفات وممارسات هذه المليشيا وهو من الشباب الذين عقدوا عدداً من المؤتمرات الصحفية لإدانة المليشيا على جرائمها فى دارفور ....
كيف طابت له نفسه واقتنع بمشروعها التدميري وانضم إليها ؟؟
هذه الحرب من مآسيها أنها تأخذ رجال يجب أن ندّخرهم للبناء والتعمير بدلاً من التقتيل...
إن موت محمد صالح قدرٌ محتوم وأجل مقدّر قبله فقد ابنه الكبير أزرق وذراعه الأيمن ...
محمد صالح ترك أسرة مكونة ثلاث زوجات وأبناء فى أعمار مختلفة وهي أسرة مثل مئات الأسر بل الآلاف فى السودان ذات الدخل المحدود فقدت العائل وربّ الأسرة فى حربٍ عبثية وغريبة الأطوار والتقلبات وحتماً إذا استمرت الحرب ستفقد المزيد من الأعزاء وهم ضحايا لمشروع تآمري تقف وراءه قوى سياسية بلا أخلاق ومليشيا منتشية بموت الأبرياء وحتماً لم ولن تقدم لأسرهم المنكوبة شئ ...
ندرك أن الله تعالى لم يترك عباده هملاً وهو أكثر رأفة منا بعباده ولأننا ضعفاء نجزع للموت ونجزع للمستقبل ولكن يقيننا أن الله سيدبر لعباده أمرهم ...
هذه الحرب من أقدار الله ولكن علينا أن نعمل بفقه سيدنا عمر رضي الله عنه أن نفر من قدر الله الذي قدّر هذه الحرب إلى قدر الله الذي أمرنا بأن نجنح للسلم والسلام ...
موت الأخ محمد صالح أحدث شرخاً كبيراً فى القبيلة ولأن هذه الحرب فتنة حتى داخل الأسرة الواحدة انقسم الناس حتى فى الترحم عليه وهذا يؤكد تباين أهل السودان فى هذه الحرب ومواقفهم فيها !!
ولكن نقول أن الله تعالى أمرنا أن نترحم على الملسمين وهذه لا خلاف عليها ومن هنا يجب أن لا نوغر الصدور ونزيد الشقاق داخل الأسرة فإن الموت هو نهاية المطاف فى هذه الحياة الدنيا الفانية وكل إنسان كتب الله موتاً بطريقة قدرها الله أزلاً وهذه ميتتة الأخ محمد صالح التى كتبها الله له ...
نسأل الله تعالى أن يغفر لأخينا محمد صالح إدريس وأن يتجاوز عنه برحمة الله وسعت كل شئ ...
اللهم إن عبدك محمد صالح نشهد أنه كان يشهد ألا لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وهي شهادة حق وأنت أعلم بحاله منا فاغفر له وتجاوز عنه ..
واجعل البركة فى عقبه واطفئ هذه الفتنة يارب العالمين ...
إنا لله وإنا إليه راجعون ولاحول ولاحول ولا قوة إلا بالله.
مشاركة الخبر علي :
مشاركة الخبر علي :