
الأستاذ عادل عسوم يكتب من وحي رمضان 1445 اليوم ليلة 27 يا احباب
من وحي
بقيت سويعات لتغرب شمس السادس والعشرين من رمضان، لتعمنا ليلة السابع والعشرين إن شاء الله، ومعلوم أن الليلة تسبق يومها.
وفي أرجح الأقول فإن ليلة القدر تكون في ليلة السابع والعشرين.
روى مسلم في صحيحه عن أبي بن كعب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنها ليلة سبع وعشرين"، وقال الإمام أحمد: حدثنا سفيان قال: سألت أبي بن كعب قلت: أبا المنذر إن أخاك ابن مسعود يقول: من يقم الحول يصب ليلة القدر، قال: يرحمه الله لقد علم أنها في شهر رمضان وأنها ليلة سبع وعشرين، ثم حلف، قلت: وكيف تعلمون ذلك؟ قال: بالعلامة -أو بالآية- التي أخبرنا بها، تطلع ذلك اليوم لا شعاع لها، أعني الشمس.
وقد روى مسلم من طريق سفيان بن عيينة وشعبة والأوزاعي، عن عبدة، عن زر عن أبي فذكره، فقال: والله الذي لا إله إلا هو إنها لفي رمضان، ووالله إني لأعلم أي ليلة القدر هي التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها، هي ليلة سبع وعشرين، وأمارتها أن تطلع الشمس في صبيحة يومها بيضاء لا شعاع لها.
وفي الباب عن معاوية وابن عمر وابن عباس وغيرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ليلة سبع وعشرين، وهو قول طائفة من السلف، وهو الجادة من مذهب أحمد بن حنبل رحمه الله، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا
لمن أسلم فيها قلبه لله وقامها إيماناً واحتساباً".
وقد أورد الباحث الشرعي أستاذ الحديث في جامعة الباحة الشيخ الدكتور أحمد العمودي، أدلة وبراهين عدة تثبت أن ليلة القدر هي ليلة 27 رمضان؛ مستنداً إلى أحاديث نبوية وأقوال عدد من الصحابة والتابعين.
وأوضح الدكتور العمودي وفقاً لـصحيفة عكاظ أن الأدلة والأحاديث النبوية الثابتة من الرسول صلى الله عليه وسلم وما نُقل عن الصحابة ومنهم عمر بن الخطاب وحذيفة بن اليمان وأبيّ بن كعب وعبدالله بن مسعود وعدد من الصحابة والسلف رضي الله عنهم؛ تثبت أن موعد ليلة القدر هو ليلة 27 رمضان لا يتغير ولا يتبدل.
وأشار الباحث إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليلة القدر ليلة سبع وعشرين"، وفي رواية أخرى: "التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين"، وقوله: "ومن كان منكم متحريها فليتحرها ليلة سبع وعشرين"، وما نقل عن عمر بن الخطاب وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أنهما كانا يريان أنها في ليلة 27 من رمضان.
واستند الدكتور العمودي في تأكيده إلى أن موعد ليلة القدر الثابت هو ليلة 27 رمضان إلى أبواب في كتب الحديث؛ منها ما بوّبه ووثّقه كل من المنذري والإمام أحمد والألباني والقرطبي، الذين رجحوا أن موعد ليلة القدر هو ليلة 27 رمضان.
انتهى.
بماذا ندعو يا أحباب إن وهبنا الله نعمة ادراك هذه الليلة؟
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله أرأيت إن علمت أي ليلة القدر ما أقول فيها؟ قال: (قولي: اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني.
رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وصححه.
والعفو هو الله جل جلاله،
والله يحب العفو والستر، ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها، ويستر العيوب ولا يحب الجهر بها.
انظروا يا أحباب كيف ذكر عفو الله في القرآن مع الذنوب العظام!:
قال تعالى: {يَسْأَلُكَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَنْ تُنَزِّلَ عَلَيْهِمْ كِتَابًا مِنَ السَّمَاءِ فَقَدْ سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ ثُمَّ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ فَعَفَوْنَا عَنْ ذَلِكَ وَآتَيْنَا مُوسَى سُلْطَانًا مُبِينًا} النساء 153
لقد كان عفو الله تعالى عن اتخاذ العجل إلها من دون الله، انظروا إلى عظم هذا الذنب؟!
والعَفوُّ في اللغة على وزن فعُول من العَفوِ، وهو من صيغ المبالغة، يقال: عَفا يَعْفو عَفوا فهو عاف وعَفوٌّ، والعفو يدلّ على معنيين أصليّين:
1- ترك الشّيء.
2- طلبه.
ومن المعنى الأوَّل عفو الله تعالى عن خلقه، وذلك تركه إيّاهم فلا يعاقبهم، فضلاً منه تعالى.
فالعفو هو التجاوُزُ عن الذنب وتَرْك العِقاب عليه، وأَصله المَحْوُ والطمْس..
والعفو يأتي أيضًا على معنى الكثرة والزيادة، فعَفوُ المالِ هو ما يَفضُل عن النَّفقة كما في قوله تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ} البقرة 219.
والعفو في حديث أَبي بكر: "سلوا الله العفو والعافية.."
رواه الترمذي وصححه الألباني. فأَما العفو: فهو ما وصفناه من محو اللَّه تعالى ذنوب عبده عنه، وأَما العافية: فَهُوَ أَن يُعافيَهُ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ سُقْمٍ أَو بَلِيَّةٍ وَهِيَ الصِّحَّةُ ضدُّ المَرَض، يُقَالُ: عافاهُ اللَّهُ وأَعْفَاه أَي وهَب لَهُ الْعَافِيَةَ مِنَ العِلَل والبَلايا.
وأَما المُعافاةُ: فأَنْ يُعافِيَكَ اللهُ مِنَ النَّاسِ ويُعافِيَهم منكَ، أي: يُغْنيك عَنْهُمْ وَيُغْنِيَهِمْ عنك ويصرف أَذاهم عَنْكَ وأَذاك عَنْهُمْ، وَقِيلَ: هِيَ مُفاعَلَة مِنَ العفوِ، وَهُوَ أَن يَعْفُوَ عَنِ النَّاسِ ويَعْفُوا هُمْ عَنْهُ لسان العرب.
قال ابن رجب :
وإنما أمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الإجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملا صالحا ولا حالا ولا مقالا فيرجعون إلى سؤال العفو كحال المذنب المقصر قال يحيى بن معاذ: ليس بعارف من لم يكن غاية أمله من الله العفو.
وكان بعض المتقدمين يقول في دعائه: اللهم إن ذنوبي قد عظمت فجَلَّت عن الصفة، وإنها صغيرة في جنب عفوك فاعف عني.
وقال آخر منهم: جرمي عظيم وعفوك كثير، فاجمع بين جرمي وعفوك يا كريم.
اللهم آمين...
آمنت بالله.
adilassoom@gmail.com
مشاركة الخبر علي :