.. هو خطابي الثاني لك ،، فقد مرت خمس سنوات عن رسالتي الأولى كنت قد خاطبتك بها قبل أن تقدم إلي الخرطوم بيوم رئيساً للحكومة...
كتبت إليك فيها أن التاريخ يفتح أبوابه مشرعة لك أن تدون نفسك مع الكبار متى سرت بسيرتهم وعزمت عزمهم وأخذت عنهم...
قلت لك أن السودان بلد مختلف في كل شيء،،ولذلك يجب أن تدرس تاريخه وتجارب الحكم السابقة فيه ثم فليكن لك فيها عبرة وعظة...
قلت لك فيها بضرورة أن تبدأ بتطواف شامل على الخرطوم أهلها ،،شوارعها مستشفياتها ،،أسواقها ؛؛ منازلها،، أطرافها ،، مدارسها ،، جامعاتها لتقف علي أحوالها وخدماتها بنفسك وألا تكتفي بالتقارير ...
قلت لك نجاحك يبدأ من نقطة مركزية وهي تقديم نفسك زعيماً لأهل السودان جميعاً تقف منهم في حد السواء عدلاً وإنصافاً،، انصاتاً وعطاءًا دون أدنى تمييز أساسه الجهوية والحزبية واللون السياسي..
قلت لك المدخل الطبيعي المرضي ضرورة طرح رؤية قائمة علي منهج معتدل : ((سودان يسع الجميع)) دون كبت أو عزل أو إقصاء لأحد مهما كانت درجة اختلافه معك أو بعده منك...
لكن من أسف، ومنذ قدومك الأول، حضرت للخرطوم بأجندة جاهزة أعدت لك أصلاً فحواها : تسليم السودان إلي الأجنبي زارعاً البغض والشحناء بين أهله ((مؤسس)) خطاب الكراهية جاعلاً منه لغة سائدة عاملاً على إقصاء الكتلة الحية من أهل السودان تمكيناً لليسار غض النظر عن حضورهم الباهت وضعف تجربتهم وهوانهم على أهل السودان...
طوال تجربة حكمك أثبت ضعف إحاطة إدارية وسذاجة طرح وقصر نظر في مخاطبة قضايا الأمة واهداراً لتقاليد أهل السودان وضرباً لهويتهم الدينية وتقويضاً لدولة القانون ازدراءاً للمؤسسات العدلية راسخة القيم والالتزام...
كل ذلك رسخ عند أهل السودان انطباعاً جاداً بأنك أسوأ خيار يمكن أن يحكمهم ومن هنا ثار الشعب عليك مطالبين باقالتك حتى جاءت اللحظة الفارقة يوم اعتصم الشعب أمام القصر مطالبين باقالتك فما كان أمامك من خيار يحفظ لك بعض من ماء وجهك الذي أريق غير الإسراع بتقديم استقالتك والهروب الي خارج البلاد خوفاً من البطش والتنكيل الشعبي الذي بلغ مداه...
كنت أعتقد بعدك عن السودان سيمنحك سانحة جادة للتفكر والتدبر في مسيرة حكمك للبلاد لكن وضح أنك من طينة تأخذها العزة بالاثم واجتراح السيئات...
فقد واصلت بكل قوة وصلابة مسيرة انتهازيتك سادناً في محراب العمالة والخيانة الوطنية تجوب البلدان تعمل باخلاص لضرب استقرار البلاد وشلها
فمن يقف ضد جيش بلده الوطني صمام أمانها وحارس مقدراتها حامي حماها عميل مرتزق تافه...
من قدرٍ أخطابك خطابي الأول وأنت في أوج عظمتك لتدول الأيام دولتها وتأتي عليك لحظة أخاطبك فيها مرة أخرى وأنت في أحط منازل ضعفك وهوانك تطاردك البلاغات وتحاصرك الاتهامات وتزدريك الألسن وتعيرك الإهانات فما أتعسك وما أهونك...
حتى لا أطيل عليك الحديث فإني ألخص لك بعض الملاحظات أخصك بها حتى أقيم الحجة عليك بأني قد نصحتك يوماً (بمنعرج اللوى):
الملاحظة الأولى : آن الأوان أن تقف وقفة مع النفس تقيم فيها تجربتك العملية في السودان ما بين قوة رئيساً للوزراء وبين مجرم متهم يستحق الازدراء...
الملاحظة الثانية: حاجتك لأخذ نفس عميق تتنهد الصعداء تجتر تجربة مايو ثم الإنقاذ كيف تمكنت التجربتان من البقاء طويلاً خاصة الثانية رغم الحصار والمقاطعة الدولية؟؟!!
الإجابة عندي أن التجربتين نجحتا بفضل الانفتاح على الآخر إما عبر المصالحات الوطنية الشاملة أو عبر تحالفات سياسية دون النظر لنجاحها أو اخفاقها ذاك خلق حالة من الهدوء والاستقرار السياسي لهما...
الملاحظة الثالثة: يجب ألا تتهيب النقد الذاتي الموضوعي ولتبدأه بالسؤال لماذا فشلت فشلاً ذريعاً رغم أنه قد توفر لك إجماعاً كاملاً حتى الإسلاميين أعلن بروف غندور من موقع المسؤولية والصدارة الحزبية معلناً دعمه المطلق لك وقال قولته السديدة التى سارت بها الركبان ((إحنا معارضة مساندة)) ؟؟!!
++ يجب أن تجيل النظر في أقدار الله مشيئته أقداره إرادته عزته الذي خلع رداء الحكم من الإنقاذ أقوى حكم شهدته البلاد وألبسك له أنت ومن أنت أضعف خلق الله من ((كل)) نسباً ومالاً وانتماءًا حزبياً.. هنا عليك ألا تنسى نصيبك من تلاوة الأية:((قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء...)) تجسيد لواقعك الخاص...
++ أخيراً نصيحة لوجه الله تعالى أن جهلاً بطبيعة السودان وأهل السودان حال بينك وبين ما تشتهي يحتم عليك دراسة أحوالهم جيداً ساعتئذٍ ستدرك أنهم أمة عصية علي التركيع والضغوط والانحناءات إلا لرب العالمين فلا تجتهد في أن تحكمهم بالقوة فذاك لن يكون أبداً... من هنا نصيحتي لك دع عنك فكرة العودة لكراسي السلطة عبر سكة الأجنبي فذاك لن يكون إلا على رقاب الشعب وقد جربت امتطاء حصان الحرب الأعرج الأجرب فانتهيت إلي هزيمة نكراء وطفقت تبحث الآن علي إيقافها إنقاذاً لحاضنتك العسكرية مليشيا الجنجويد إنقاذاً لها من الفتك والدمار والفناء الذي هو قاب قوسين أو أدنى...
++ سرني جداً أن أزف لك خبراً غير سعيد لك وهو أن الجيش في هذه اللحظات علي تخوم مدني بعد أن حرر كبري حنتوب فلربما يدخلها وأنت تطالع هذه المقال لذا عليك أن تجهز أقراص الضغط والقولون...
حتماً سأزورك في كوبر ليس شامتاً وانما متدبراً في قدرة الله العزيز الجبار القوي المتين مذل الجبابرة الطغاة المستبدين الذي كتب عليك حياة الشقاء واللعنة وسوء المصير...
عمر كابو
مشاركة الخبر علي :