هكذا كنّا نكتب في ذاك الزمان ونحذِّر من مآلات الحيرة المدهشة فيما نرى ونسمع.
قلت لصديقي مواسياً ،،
نعم عندما لا تُحدث الدهشة
حراكاً تصبح الحيرة موجعة
وماذا بعد أن يصل الوجع منتهاه
غير اليأس ثم الموت الزؤام؟!
هكذا أضحت بلادنا ايقونة للدهشة
وارتفع سقف موجبات الدهشة فيها إلى نهاياته حتى اصبحت لازمة لا يستساغ طعم الخبر الا بها ، تماماً كالملح -دون المقبلات التي تعتبر ترفاً-، فلماذا يدهشنا ما فعله السفير الألماني من سفر مجهد استغرق ثلاث ساعات خارج الخرطوم فقط ليروج ويدعم جهر طفل بالإلحاد امام معلميه وزملائه بمباركة والدته -كما يشاع- ،ولا يدهشنا ما يفعله من سلمناهم زمام امرنا وهم يطعموننا مرّ الدهشة إداماً رئيسياً في كل وجبة ننتظر قدومها بفارق الصبر ونحن نتضور شوقاً للفرح بتناولها ولم يتبق لهم إلا ان يحقنوننا كدراً لنعيش و نستسيغ مزيداً من الدهشة المؤلمة …
-اليس التمادي في إستفزاز مشاعرنا الدينية ما يدعو للدهشة؟
-أوليس في تعمدهم الدعوة الجهرية للانحراف عن مسلماتنا العقائدية والأخلاقية ما يثير الدهشة؟
- الا يعتبر ضياع سنوات دراسية غالية من عمر شبابنا وأطفالنا -تراخياً- فعلاً مدهشاً ؟
-أم أن هذا البرود في التصدي لصعوبة وندرة حاجاتنا الأساسية ومتطلباتنا الغريزية والسفه المتعمد لمجرد الاهتمام ولو ايحاءً لا يعدُّ امراً مدهشاً ومؤلماً ؟
-اليس التضحية بدماء الشباب في سبيل محاصصة المناصب مع اكيد علمهم بأن من يشغل المنصب لن ينجز شيئاً -مهما كان تأهيله وتوجهه دون خطط يقيدها برنامج زمني مناسب ويدعمها استقرار وظيفي وامكانيات مادية وبشرية وهذا ما لا يتفق مطلقاً مع صرعة الفصل والتعيين والمزايدة التي نراهم فيها يستميتون {ويُمِِيتُون} فقط من أجل ديكورية المناصب ورمزية السيادة ، فان لم يكن هذا مدهشاً إذاً فلنراجع مستشعرات الدهشة لديناً فربما اغرقتها الحيرة التي تعقب الدهشة!!
-ثم الا تستحي الدهشة ممن يطالبون بمنظومة حكم مدنية صاااافية رغم ان عقلائهم يرهبون بمجرد تلويح رئيس الوزراء بالإستقالة لا لحرصهم عليه بل لخشيتهم من الدخول في دوامة التوافق على شخصية اخرى دون وجود معيار ترجيحي لملء المنصب فكيف يكون الحال !! والحل!! والحلل!! لاختيار عناصر منظومة مدنية متكاملة يُزكيها قدراً من التراضي دون ان يشكل ذلك محبساً يعرقل انسياب العمل ويهدد بتفجير الأوضاع مرة اخرى، أليس في إصرار هؤلاء الشباب على تحقيق حلم المدنية المطلقة في ظل هذه التقاطعات التي تفرضها المرحلة ما يدهش حتى منظريهم ؟؟
-قل لي بربك كيف لا نُدّمِن الدهشة بمرارتها ونُعَاقِرها -كما يعاقر الخمر مدمنوها -ونحن نتشاكس في دولة تديرها منظومة حكم يرتكز تأهيل أهم شاغلي مناصبها على قيادة مجموعات عشوائية من المسلحين كانت تسمى بالأمس تمرداً يتباهى بإرهاق الدولة ،،فكيف لا تعقد الدهشة السنتنا والصورة ما زالت حبلى بالحالات والمواقف التي تتوالد من بين ثناياها أليس وأليس ويمكنك ان تكمل بعد ذا يا صديقي فالدهشة في بلادنا أوفر من الطعام والدواء فنحن فقط تعودنا عليها وضعف احساسنا بها حتى أصبحنا كمن يحاول تحسس الروائح الكريهة وهو يعيش وسط المياه الآسنة !!!
ولترى عزيزي نجوم الدهشة تتلألأ في سماء السودان فقط أخرج من هذا الأسن وارتفع قليلاً فإن لم يقتلك الغُبن سترى الدهشة وستزكمك رائحتها،،،فاسترح صديقي ولا ترهق مجسات الدهشه فيك فإن هذه الدول لا ترسل السفراء فقط لإثارة مكامن الدهشة فينا -هكذا خبط عشواء- فمهامهم المُضمرة تقتضي اختيار البيئة المناسبة لما يضمرون وحتماً سينجحون طالما كانت مقاومتنا لهم لا تتعدى فغر الأفواه دهشةً وحيرة !!!
تحية مِلؤها الدهشة
عادل هواري
فجر الخميس
٢٣/ديسمبر/٢٠٢١م
مشاركة الخبر علي :