* مرة عام فاكثر وكنت فى تجوال مستمر مع اسرتى الصغيرة وعائلتى مشتته ما بين الداخل والخارج ولم تتوفر لنا احيانا حتى فرصة الاتصال ام لعدم توفر الاتصال نفسة وام لعدم توفر معينات الاتصال لان حياتنا كانت فى العاصمة مرتبطة بالوظيفة والوظيفة توقفت مع الحرب.
* مرة عام فاكثر لم يمر يوما دون متابعة اخبار السودان والحرب الدائرة بالتفاصيل الكثيفة وهى تفاصيل ملائة بالمواجع والحسرة على الوطن والاهل ومع ذلك نكتب كل ما يدور فى تلك الحرب لنقلا لراى العام وتوثيقا لحدث هام ومؤلم.
* مرة عام فاكثر كنا اكثر صمودا وصبرا وجلدا على نتائج الحرب التى دمرت كل ما نملك من نصيب الدنيا فقدنا الاعزاء والاصدقاء والاقارب والدخل ام بالموت بسبب الحرب وام بالفراق ايضا بسبب الحرب التى هجرتنا وباعدت المسافات بيننا.
* فى هذه الحرب التى لم نتوقعها بهذه البشاعة والتى نعيشها الان اكتشفنا اولا انفسنا والاجابة على سؤال هل نحن فعلا سودانيين رضعنا من ثدى هذا الوطن؟ فكانت الاجابة نراه فى مواقف ابنائنا ومواقفنا وحبنا لهذا الوطن السودان ونتمنى عودته وعودتنا الى الفصول الدراسية والمدارس والجامعات ومقابلات الطلاب الباحثين عن المعلومة.
* عندما اتجول فى السودان مجبوره وخارجا من بيتى بين وسطة وشمالة وشرقة وام درمان الحبيبه رغم المعاناة المصحوبة بالموت لا ياتينى احساس بانى نازح او غريب او ضيف ثقيل بل احساس بكامل السودانية والوطنية والاصرار على تكملة المسير وبأن ننجوى باطفالنا من سقوط الدانات والقتل العشوى وليس بحثا عن لقمة عيش هنيئة لقد تعود اطفالنا على شتى انواع الطعام يرضون بما قسم الله لهم مستمتعون حامدون شاكرون على ما توفر لهم من طعام ويتبادلون ذكريات الترحال والوجع والخوف ولحظة الاختفاء من دانة او صوت رصاص او جنجويدى متسكع يبحث عن غنيمة يقتل وينهب ويغتصب لكى يشبع رغبتة ويشفى غله.
* اكتشفت نحن السودانيين شعب لا يحب الغربة وشعب مليان حب ومحنَّة للديار والأهل بطريقة تعجز عن وصفها. * شاهدت مغتربين فى المملكة العربية السعودية كبار سن تتجاوز اعمارهم الستين والسبعين جأوا فى عمر العشرينيات والثلاثنيات ظلوا مقيمين فى تلك الديار الطيبه التى تتقبل كل زائر ومقيم فيها يأتيه رزقة من كل مكان ومع هذا لديهم الشعور الكبير والعودة الى الديار السودان رغم رغد العيش لبعضهم ..
* ولكنى عندما اقارن نفسى بهم أجد نفسى احمل قلب غير وروح غير لا تستهويني ولا تجزيبنى تلك الغربة وما بها من فوائد سرعان ما ينتابني الشعور القوى بالعودة الى السودان ريثما تنتهى مراسم العمرة وزيارة الحرمين والمكوث فيهما احن بالعودة الى السودان رغم الفقر وعدم الدخل ولا املك حتى قيمة التذكرة وعند الوصول إلى السودان والجلوس مع الأسرة والأهل والأحباب فى متعة كاملة نتقاسم فيها الحلوة والمرة ونسمع صوت الدانات وانفصالها ونحن جالسين تحت الاشجار ولا نعرف أين تقع تلك الدانة ومن القتيل بهذه الدانة تظل جالس وممارس الحياة بكل تفاصيلها ثم نذهب لنصلى على تلك الشهداء او يأتى خبر موت احد فى الحارة بسبب تعثر الحصول على الدواء او عدم وجود اخصائى ثم نذهب ونقوم بالواجب مع الجيران وأهل الحارة الحرب جعلتنا أكثر لحمة.ثم ينتابني شوق وحنين مرة أخرى الى ارض الحرمين وسبحان الله وكأن هنالك منادى ينادى وتتيسر الأمور ونعود الى الأرض الطاهرة مهبط الوحى بلاد الحرمين الشريفين ومرقد النبى محمد صلى الله عليه وسلم.
* زرت بعض الدول ولكن لم اجد اجمل واروع واسكن واهداء واطمئن أكثر الا فى المملكة العربية السعودية واشتاق واحن اليها عندما اغادرها وامنى نفسى بالعودة.
* الحرب اخرجتنا من ديارنا ومن وطننا السودان مجبرين ونحن شعب محب لأرضه ونيله وعشه الصغير ام فى قريتنا المرتفعة شمال غرب سكر سنار او بيتنا فى ام درمان الحنينة.
* ولكن ما يحيرنى ان من اشعل الحرب ويخرج في العلن وكأنه لم يفعل شى ويتحدث في القنوات الفضائية ويقول لا للحرب نعم لا للحرب ولكن بعد ايه بعد خراب بنت الخزين،ويقيمون مؤتمرات فى أديس أبابا لترسم مرة اخرى استراتيجية ايقاف الحرب وبناء سودان جديد بعد الحرب التى قتلت الارواح وسفكت الدماء واغتصبت النساء. ويتحدثون بانهم يحملون هم الوطن وهم يعيشون في قصور أوروبا وفنادق أديس أبابا والسودان يُباع ويُشترى للمنظمات الدولية التي عملها تفكيك الشعوب وهدم الأوطان والإنسان لك الله ياوطني السودان.
* شكرا جزيلا للملكة العربية السعودية وهم كل يوم يستقبلون الالف من الشعب السوداني فى بلادهم المضيافة شعبا وحكومة بكل ترحاب ويحبوننا كسودانيين بصفة خاصة.
*نسأل الله تعالى أن يخزل كل من تربص بالسودان وأن تنزل غضبك وسخطك بمن أرد بنا سوءاً ،اللهم اجعل الدائرة عليه واشغله في نفسه ولا ترفع له راية ولا تحقق له غاية ياكريم وبجاه سيدى محمد صلى الله عليه وسلم.
دكتور عصام دكين.
مشاركة الخبر علي :