* اصبح موضوع الانتقال الديمقراطي موضوعا مهما بعد سقوط نظام الانقاذ فى ١١ أبريل ٢٠١٩م وتأسيس نظام ديمقراطي ووضع دستور جديد وإصدار القوانين التى تنظيم الحياة السياسية لتعزيز النظام الديمقراطي وتوطيد اركانة.
* يسود الاعتقاد لدى القوى السياسية فى السودان ان الديمقراطية هى علاج لحالة التخلف التى يعيشها السودان بكل مافيها من مشاكل اقتصادية واجتماعية وسياسيه وثقافية غير ان الحقيقية خلاف ذلك. فالديمقراطية مجموعة قيم ومؤسسات تتاثر بسياق المجتمع الذى تنشأ فيه فشتان بين اداء المؤسسات الديمقراطية( أحزاب، انتخابات، برلمان، حكومة) فى دول الديمقراطيات الراسخه وهذه المؤسسات فى السودان لانها مؤسسات( أحزاب ، انتخابات ، برلمان، حكومة)فى السودان تحمل كل ما يتسم به السودان من فقر مدقع وشيوع الأمية وغلب الانتماءات الاثنيه وممارسة الزبانية السياسية على قيم المواطنة والانتماء الوطنى.
* ان عملية الانتقال إلى الديمقراطية عملية طويلة الاجل ومعقدة وديناميكية ومفتوحة النهايات وان البيئة السودانية التى تتشكل فيها مضامين القيم الديمقراطية والأشكال التنظيمية تعانى من اختلالات امنيه وسياسيه واجتماعية واقتصادية وتعدد الجيوش والملشيات والاحزاب ( بيئة هشة غير مستقرة) وكل ذلك بتصرفات حكومة الفترة الانتقالية التى أدخلت السودان فى هذا المازق التاريخى يحتاج لعمل أصحاب الخبره في العمل السياسى والسودان لديه تجارب كبيرة فى الانتقال إلى الديمقراطية بعد ثورة اكتوبر ١٩٦٤م وبعد ثورة ابريل ١٩٨٥م.
* تشير خبرات النظم السياسية فى مختلف أرجاء العالم إلى أن تقيم النظم الديمقراطية ينبغى الا يعتمد على وصف المؤسسات وشكلها فقط بل ينبغى ان يعتمد ايضا على وصف ماتضطلع به من وظائف وادوار فى الواقع.
*النظام الديمقراطي ليس مجرد أحزاب وانتخابات وتشكيل الحكومات وليس مجرد من يحصل على النسبة الأكبر من اصوات الناخبين ولكن إلى اى مدى يستطيع هولاء الفاعلون او الاحزاب من القوى السياسية ومؤسسات تمثيل مصالح الشعب السودانى.
* الديمقراطية تنهض بجناحين جناح اجرائى يتعلق بالترتيبات والمؤسسات الانتخابية والتمثيلية ونزاهتها وجناح موضوعي يتصل بنوعيه الحكم وجودة مضمون السياسات العامه وتمكين الشعب السودانى منهآ لان مقدمات الحكم الديمقراطي هو حق كل فرد فى المشاركة في إدارة الشئون العامة في السودان وتعزيز التعدديه السياسية والحزبيه واليات الرقابة المستقلة والمحايدة والفعالة التى تكفل حكم القانون وتضمن الشفافية والمحاسبة.
* دور منظمات المجتمع المدنى ووسائل الاعلام الحرة فى السودان هو تهيئة البيئة المناسبة للمارسه الديمقراطية من قبل حكومة الفترة الانتقاليه وهو مايسمى بالحق الديمقراطي او توطيد الحق فى الديمقراطية الذى يتمثل فى العناصر التقليدية الاجرائيه( الاقتراع الترشيح إجراء الانتخابات الدوريه تكوين الاحزاب تكوين الجمعيات حرية التجمع السلمي الخدمات العامة بالمساومة).
* الممارسة الديمقراطية فى السودان يجب ان تتجاوز الجوانب الشكلية والاجرائيه لتشمل القيم والممارسات ومشاركة المواطنين فى عملية وضع السياسات العامة والقرارات وتنفيذها وهو مالم يحدث خلال كل الديمقراطيات التى حدثت فى السودان وبالتالي لم يتم تعزيز الديمقراطية فيه وتعزيز الحقوق والحريات الاساسيه للشعب السودانى وتلبية احتياجاتهم ومطالبهم.
*الديمقراطية هى اسلوب ومضمون( شكل ومحتوى) ولها أنماط ونماذج متنوعه لها تدور بين أنصارها جدلات فكريه ممتدة.
* ان التجارب الديمقراطية السابقة فى السودان لم تحقق النتائج والامال لدى الشعب السودانى بل كان يكفر بها ويؤيد الانقلابات العسكرية فى( ١٩٥٨م ١٩٦٩م -١٩٨٩م ) لان الديمقراطية فى السودان ارتدت إلى انقلابات عسكرية( نظم سلطوية) وجاء اداء الديمقراطيات فى السودان مخيبا لامال الشعب السودانى.
* يواجه مستقبل الانتقال الديمقراطي فى السودان أربعة تحديات:
١/ تحدى الحفاظ على النظام الديمقراطي من قبل القوى السياسية والحركات المسلحة وعلى قواعد العملية الديمقراطية فى مواجهة النزاعات العرقيه فى السودان والتنظيمات الدينية والعلمانيه واليساريه بمنهج الاقصاء والتهميش واستخدام الاسلوب الديمقراطي لتحقيق الأهداف غير الديمقراطية لكن السودان الان يشهد تصاعد يمينى يسارى علمانى لتحقيق مكاسب انتخابية فى السودان وهو غير مستقر.
٢/ تحدى غياب العدالة وتكافؤ الفرص الناشى عن ديناميات النظام الراسمالى الذى انتهجه السودان واستمرار تزايد الفجوة بين الاغنياء والفقراء فى السودان.
٣/ تحدى تكيف السودان مع الصعود الاقتصادي الاسيوى الذى تغيب فيه القيم الديمقراطية وعناصر الثقافة الديمقراطية فى الدول الغربية بتركيزها على الجماعة وليس الفرد واهتمامها بالتوافق والاجماع اكثر من الجدل والاختلاف الحاصل الان فى السودان.
٤/ازدياد دور القادة الافراد في العملية السياسية وظهور نموزج الرجل القوى صاحب الرؤية والادارة والقادر على كسب تأييد أصوات الناخبين( قادة أحزاب قادة حركاتمسلحة.........الخ) .
* هنالك تحدى ربما يظهر فى السودان أثناء عملية الانتقال الديمقراطي هو عزوف الشعب السودانى عن المشاركة في الانتخابات العامة وتراجع عضوية الاحزاب والنقابات وتدهور هيبة السياسين ومكانتهم لدى الشعب السودانى وضعف الانتماء الحزبى وعدم الثقة بالمؤسسات العامة فى السودان والتى تسببت فى الحرب فى الخرطوم فى ١٥ ابريل ٢٠٢٣م.
* تنامى شعور لدى الشعب السودانى مؤكد ان السياسة هى مجال لتكسب الشخصى وان السياسين السودانين يقومون بالخداع أثناء الانتخابات لكسب اصواتهم وعدم خدمة مصالحهم بل مصالحهم الشخصية مما ادى لابتعاد الشباب عن الاحزاب وانخراطهم فى فى الأنشطة والحركات الاجتماعية بعيدا عن الاحزاب السياسية.
* تراجعت حكومة الفترة الانتقاليه عن شعاراتها حرية سلام عدالة وعدم حرصها على إقامة الانتخابات وتقصير الفترة الانتقاليه وتهيئة الأجواء للانتقال الديمقراطي وقيام المؤسسات الديمقراطية التى تضع مؤشرات سلامة الانتخابات واحترام التعدديه والحريات المدنية وأداء عمل الحكومة الذى لم يحقق اى نجاحات وفسح المجال للمشاركة السياسية.
*الوضع في السودان خلال الفترة الانتقاليه كان يشير إلى أن مستقبل الديمقراطية فيه مظلم وان خصوم الديمقراطية يتقدمون لإقامة نظام سلطوى مكون من العسكريين والحركات المسلحة والاحزاب العلمانية اليسارية التى لا ترغب في الديمقراطية لانها لا تاتى بها إلى السلطة كما قال وزير رئاسة مجلس الوزراء خالد سلك ان الديمقراطية لا تاتى بنا بل تاتى بالاحزاب التقليدية.
*اعتقد كانت مشاركة حزب الامه القومى فى الحكومة الانتقاليه الفترة الثانية افقدتة الكثير وافقدت البلاد كذلك فرصة الانتقال الديمقراطي لانه اصبح جزء من الفشل كل ذلك بسبب وفاة الامام الصادق المهدى ففقد الحزب البوصلة.
* اصبح السودان يشهد انتهاك للحريات العامة وحقوق الانسان وحرية الاعلام والتعبير وتنامي الاتجاهات الاقصائية خلال الفترة الانتقاليه.
* ان الازدهار الديمقراطي فى السودان لا يتحقق بمجرد الاعتقاد فى مبادئها او الإلتزام بنتائجها فى صناديق الاقتراع مرة كل اربع سنوات لان هذة الممارسات فى السودان قادت إلى انقلابات عسكرية.
* يتطلب اذدهار الديمقراطية فى السودان الممارسة العملية للديمقراطية على نحو دورى ومستمر ومشاركة المواطنيين فى اختيار السياسات والقضايا التى تؤثر فى حياتة لتأكيد المواطنة الايجابية لان الديمقراطية تحتاج إلى مشاركات وتدخلات شعبية سودانية منظمه حتى تحافظ على عافيتها.
* ان الديمقراطية نظام معقد وصعب لانه يعتمد على الإرادة الحرة للناس وتنظيماتهم المستقلة والتوافق الاختيارى بين النخب السياسية المتنافسة وقبولهم بنتائج الانتخابات مادامت ادارتها حرة وشفافة ونزيهه.
* ان عملية الانتقال الديمقراطي فى السودان ستكون عملية مرهقة تتطلب قدرا كبيرا من الصبر والمهارة وعدم الدخول فى معارك يسارية علمانية يمنيه وبعيدا عن شهوة الانتقام بين الاحزاب الايديولوجيه.
* لا توجد وصفة ديمقراطية سحرية جاهزة للسودان لضمان إقامة نظام ديمقراطي مستقر بل على الشعب السودانى اكتشاف طريقة ديمقراطية وفقا لظروفة لتحقيق هدف الديمقراطية.
* السودان لديه ثلاث تجارب ديمقراطية كان يجب دراستها وتقيمها كذلك تقيم دور القادة السياسين وتقيم نظم الانتخابات التى قامت فى السودان وأشكال نظم الحكم الفدرالية اللامركزية والمركزية لنصل إلى نموزج يمكن تطبيقة فى السودان للانتقال الديمقراطي.
* على الشعب السودانى والقوى السياسية الصبر والمثابرة لتحقيق الهدف الديمقراطي ووضع الدستور وجعل مبدأ المواطنة حقيقة واقعيه فى السودان لان الممارسة الديمقراطية امر عسير ومعقد وأصعب شكل من اشكال الحكم الأخرى لان الديمقراطية حافلة بالتوازنات والنتاقضات تتطلب بذل الجهد والعناية من القائمين عليها فى سبل نجاحها.
* ان الديمقراطية ليست مجموعة قوانين ومؤسسات وإجراءات فقط بل قيم ومفاهيم وثقافة وأسلوب حياة ونمط لادارة الأمور تجد حمياتها وملازها من إيمان الشعب السودانى بها وثقتة فى الاحزاب والمؤسسات.
* ان الديمقراطية نظام صعب التطبيق ويصعب التعايش معه فهو أصعب نظم الحكم ومع ذلك يبقى افضل نظام ابتكرة البشر لادارة أمور المجتمع والدولة وان اسوء الديمقراطيات افضل كثيرا من أصلح الديكتاتوريات لان عبقرية المؤسسات الديمقراطية قادرة على التعبير عن المصالح المختلفة فى المجتمع وإدارة الخلافات بينها بطريقه سلمية والانصاف وتصبح الذات والمراجعة.
دكتور عصام دكين
مشاركة الخبر علي :